Wednesday 17 December 2008

بيروت


بيروت المدينة التي لم أرها تذق طعم الهدوء منذ وقت طويل عادت تبتهج قليلا، و هي على الرغم من ذلك مازالت تعيش على قلق و ترقب أي حادثة بسيطة قد تخل بالاوضاع جميعا.

في طريقي الى بيروت بإذن الله اتمنى للبنان كل الاستقرار و الطمأنينة و السعادة، و اترقب لها أياما خالية من الألم و الحسد بين أطيافها، و هذا لم يحصل الا بتصفية النفوس من الحسد و البغض و الكراهية، فنحن نتحدث عن تطهير ذاتي و عن اجراء عقلي-ديني كامل.

بالإضافة الى ذلك ينبغي على بعض اطراف الحوار، ولا أقول الصراع، أن ينتبهوا الى مصادر الخطر الخارجية الحقيقية على بلدهم، لا ان يتوهموا وجود الخطر في مكان وهو في الحقيقة في مكان آخر، فلا يعقل أن تقوم اسرائيل بقصف المنازل و قتل الشعب بينما يتوهم البعض ان الخطر من موزمبيق مثلا.

فإذا يتوجب على الاطراف الاذعان للحقائق و عدم المكابرة و التوهم، عندها سنرى لبنانا أجمل بكثير إن شاء الله.

Tuesday 25 November 2008

نيران الكويت تزداد اشتعالا


الكويت بين نيران كثيرة، ما بين نيران أصدقائها و أعدائها، يبدو أن الحل يكمن بتأجيل المشاكل السياسية و محاولة العمل على تصفية المشاكل الاخرى، فعند الهاء الشعب بالنجاحات الاقتصادية و الرياضية ستكون السياسة بعيدا عن اهتماماتهم.

لذلك إن صح تأجيل استجواب رئيس الوزراء لمدة سنة -وهو ما يبدو انه سيحصل- فإنه أفضل الحلول لتفادي أزمة سياسية - طائفية - دستورية خانقة قد تسود مستقبل البلاد و العباد، و من ثم استغلال هذه الفترة لا لمعالجة العلاقة بين المستجوبين و الحكومة، بل لحل المشاكل الرياضية و الاقتصادية و الاسكانية و الاعلامية.

الطريف أن في حين ايقاف الكرة الكويتية بشكل رسمي في المحافل الدولية يقوم اللاعبون بالتهجم على الحكم و ايقاف المباريات المحلية، و في حين وجود أزمة اقتصادية تحتاج لعقول و سواعد تعمل لحلها و تفاديها و في وجود شحن طائفي عالمي، يقوم نوابنا بتأجيج أزمة طائفية جديدة تتعلق بالخطيب السيد الفالي، و استغلال هذه الأزمة لتعريض الدستور للإيقاف و لتحقيق اجندة سياسية خاصة.

غريبة هذه العقلية الكويتية، غريب هذا الشعب الذي ينتخب نوابا يشكو من أدائهم، غريبة هذه الرياضة التي تشكو الإيقاف و لا تسعى لحل أخلاقياتها ولا تقوم بمراجعة نفسها، غريب مدعوا الحريات عندما لا يرعوون من تكميم الأفواه، ليبراليهم و اسلاميهم.

و بالمناسبة فإن سيد عدنان عبدالصمد المؤيد لتأجيل الاستجواب (حكومي!) نال حكم البراءة بدل "عدم النطق بالحكم" في القضية المرفوعة ضده من وزير الداخلية.

و من غير مناسبة هل يجوز رفع قضية على شخص ميت؟ إذا الجواب "نعم"، فإنني أتهم الصحابي معاوية بن أبي سفيان بسب و محاربة الخليفة و الصحابي و ابن عم النبي (ص) و زوج ابنته علي بن ابي طالب عليه السلام..

Sunday 2 November 2008

الجنوس


لن أخوض في التسميات و الأنواع و التقسيمات، لكن هنالك فعلا قسمين رئيسيين، الأول يعاني من مشكلة فسيولوجية فيضطر أن يصوغ حياته بطريقة مضطربة الجنس، القسم الآخر هو من لا يعاني من مشكلة، لكنه أحب الطريقة المضطربة، و هو بذلك يمارس طريقة الجنس الآخر بالحياة.

هؤلاء لم تجبرهم الظروف المناخية، ولا الظروف الفسيولوجية على التكيف مع الطريقة الأنثوية في الحياة، لكنهم يريدون أن يشبعوا بعض الغرائز الدفينة التي قد لا يدركونها هم أنفسهم، ربما أجبرتهم الظروف الاجتماعية على ذلك، لكن الظروف الاجتماعية غير مقبولة كعذر لتبرير أخطائنا و تصرفاتنا التي تحتاج الى تفسير.

بالنسبة لي لا تأخذ مسألة الجنس الثالث حيزا في حياتي، و إفراد موضوع في هذا الشأن لا يعني أنني شديد الاهتمام بهذا الأمر، و لايعدو كونه تأثراً باحتكاك بسيط في الآونة الأخيرة مع قضية من هذا النوع، مما أثار في التساؤلو التفكير الجدي، و وصلت الى أنني فعلا أنظر إليهم بعين الشفقة، كما أنني أنظر الى المضطرب و القلق بنفس الطريقة، فهم جميعا يعانون الاضطراب و القلق و الحاجة غير المستوفاة.

لكن ’الجنوس’ يثيرون الشفقة أكثر من غيرهم من حيث أنهم لا يدركون فعليا ماهي حاجاتهم، هل هي حاجة جنسية؟ أم حاجة عاطفية؟ أم أنها الحاجة الى الراحة و نبذ الأعباء التي يعيشها باقي الرجال؟ أم الحاجة الى النظافة و الأناقة على فرض أن باقي الرجال غير نظيفين ولا أنيقين!؟ أم ماذا؟

و هل يتطلب إشباع هذه الحاجات القفز الى الجهة الأخرى من الجدار البيولوجي بين الذكر و الأنثى؟

أما إن كانت المسألة مجرد طريقة للحياة، lifestyle، فإنهم يلبسون بهذا ثويا غير ثوبهم، و يركبون مركبا لا يليق بهم، و يمشون مشية لا تناسبهم. كل ما عليهم التفكير به هو المستقبل، المستقبل مرعب لأغلبنا، فكيف بمن يتنكر لهويته الجنسية و يجهل أقرب الناس إليه وهو نفسه؟ حتى أكثر المجتمعات تطورا و تحررا و التي قننت هذه القضية لم تتقبل فكرة الجنس الثالث بكل سهولة.

Tuesday 28 October 2008

الجنة

Heaven


هل الجنة هي اشباع الغرائز و الحاجات، و طرد الخوف، و رحيل الأحزان؟
أما أنها تجسد لأعمال الدنيا في طبيعة مختلفة؟

هكذا يقولون، الآخرة تجسد الأعمال، فالجزاء من جنس العمل، و كل عمل له صورة دنيوية و صورة أخروية حقيقية.

هي تحقيق للعدالة، و أفضل و أكمل عدالة عندما تكون الأعمال و النيات متجسدة أمامنا، عندما تصبح الميزافيزيقيات مرئية تصير الأمور اكثر وضوحا و جلاء، فتكتمل العقول، ولا مكان للجهل حينها.

كمال العدل عندما نرى جميع الحوادث بأعيننا، عندما نرى تكون صور أخرى مناسبة للأفعال التي نتصورها في الدنيا كما يحلو لنا.

في الآخرة نرى العمل القبيح، و الكذب و الظلم و النية السيئة بأشكال و صور قبيحة، و بالمقابل نرى الجمال كما ينبغي، جمال التضحية التي تصور في الدنيا تخضب بالدم، سنراها في الآخرة بأبهى صورة، عندها سيحق لنا أن نقول عن منظر الحسين الغريب الخضيب السليب بأن"وجدتك في صورة لم أرع بأعظم منها ولا أروع".

عندها سنقول فعلا "ما رأيت إلا جميلا"!




Tuesday 21 October 2008

Monday 20 October 2008

جمال و القرضاوي


ردود أخرى جديدة على القرضاوي، و هذه المرة بقلم الكاتب الفذ الدكتور عبدالمحسن جمال، الذي أبدع بصياغة رده الرفيع. هذه المقالة كتبت في جريدة القبس بتاريخ 13 اكتوبر و كانت بعنوان "العولمة الدينية"، وفر لي فيها الكثير، خصوصا عند الحديث عن أكبر كنيسة في المنطقة و المزمع انشاؤها في قطر، هل يعلم عنها القرضاوي؟


المقالة


انتشار الفكر والافكار في العالم لم يعد حكرا على أحد، بل ان التكنولوجيا الحديثة فتحت الأبواب مشرّعة أمام كل صاحب فكر وعقيدة ومذهب، فالانترنت فتح أبوابه للجميع، وما عليك إلا أن تعبر عن رأيك وسيسمعك من يريد في هذا العالم الرحب الواسع، وكذلك فعلت الفضائيات التي بدأت تتسع وتتسع لدرجة انه بات الانسان يعجز عن ان يتابعها جميعا، وبالمستوى نفسه، ولكن بتكاليف أكثر لعبت الهواتف النقالة ومسجاتها دورا هي الاخرى في توعية الناس.من هنا فإن الفكر لم يعد أحد يستطيع ان يوقف انتقاله، وما محاولة البعض ايقاف الـ«يوتيوب» الا واحدة من هذا

من هنا فوجئ الناس بالعموم والمسلمون على وجه الخصوص بآراء الشيخ يوسف القرضاوي الذي يملك على الانترنت «اسلام أون لاين» وتستضيفه قناة الجزيرة بشكل متواصل، فوجئوا به وهو يهاجم انتشار الفكر الاسلامي الذي يتبنى مذهب أهل البيت عليهم السلام، واعتبر ذلك غزوا لبعض الدول التي تتبنى الفكر الاسلامي من خلال المذاهب الاربعة السنية.. لم يصدق الناس أنفسهم لأن الشيخ القرضاوي سمح لنفسه بالتعبير عن رأيه كيفما شاء من خلال الانترنت والفضائيات، ويريد الحجر على غيره، بل انه يريد منع اي مسلم من الأخذ بالمذهب الذي يريده.. والعجب هنا ان المذهبين الشيعي والسني هما في دائرة الاسلام الاكبر فماذا يضير اذا تحول مليون مسلم شيعي الى التسنن، أو تحول مليون مسلم سني الى المذهب الشيعي، أليسوا كلهم يتحركون ضمن دائرة الاسلام الواسعة؟

ولعل العولمة اليوم هي التي جعلت الكثير من دول الخليج تتجاوب مع إقامة وانتشار الكنائس فيها احتراما لأتباع الدين المسيحي الذين يعيشون بيننا، ففي دولة قطر على سبيل المثال يتم بناء أكبر كنيسة في المنطقة، وسيكون لها تأثير كبير على تفهم المسلمين للدين المسيحي، فهل يعتبر ذلك غزوا مسيحيا للمسلمين؟.. والناس اليوم بدأوا يتبادلون الافكار والحوارات والنقاشات من خلال وسائل التكنولوجيا الحديثة، وأصبحوا متعطشين لسماع الرأي الآخر أنى كان ومن أيٍ كان

ولعلنا في الكويت نعيش منذ القدم متحابين متعاونين سنة وشيعة ومسيحيين دون أن نتأذى بمن يتأثر بهذا الفكر أو ذاك الفكر، وقد تكون التجربة الكويتية في التعايش السلمي بين المذاهب والأديان، وخاصة مع وجود حوالي مليوني انسان مقيم ينتمون الى 120 دولة، ويتبعون كل الأديان، هي أفضل تجربة، ومع ان البعض من المقيمين تحولوا الى الدين الاسلامي من خلال جهود جمعيات ومنظمات محلية فإننا لم نسمع من احد من دولهم ان يعتبر ذلك غزوا.. لأن الفكر للجميع ومن حرية الانسان وحقوقه ان يأخذ الفكر الذي يريده. «إنا أنزلنا عليك الكتاب بالحق فمن اهتدى فلنفسه ومن ضل فإنما يضل عليها وما أنت عليهم بوكيل»


Saturday 18 October 2008

لوحتـان

رسمت هاتين اللوحتين في أحد مقاهي استراليا، باعتبار كونهما لوحتين هما لا يحتاجان الكثير من الحديث و الشرح، هما يتحدثان عن نفسيهما، طبعا أنا لست فناناً ولا أحب الرسم كثيرا، لكنني أحب أن أرى اللوحات و الرسمات على رغم كوني لا أحب أن أرسمها بنفسي عادة، اللوحة الأولى اسمها "خطوط المشاعر"، و الثانية اسمها " الشرق الأوسط"، لا أكذب ولا أبالغ حين أقول أن كل خط في هاتين اللوحتين له معنى خاص.



Feelings lines



Middle East

Thursday 2 October 2008

البحث عن الحب


حاجة الانسان الى الحب تبقى حالة معقدة يصعب تفسيرها، اختلاف حالات الحب و تفاوتها الكبير يجعلها عرضة للتشويش، إذ يصعب تفسير الكثير من الحالات و المظاهر التي تعتري الحب و المحبين، لكن ما لا غبار عليه هو أن الحب حاجة يتميز بها الانسان عن غيره، و الانسان بطبيعته محتاج على الإطلاق ممكن الوجود، فلا يضفي وجوده على دائرة الكون زاوية ولا يهبها الكثير من التغيير، لهذا كان التطور و التكامل الذاتي الهدف الأوحد للإنسان، و لذا يسعى الانسان المحتاج لملء فراغات احتياجه عن طريق الالتجاء الى الكمال و واهب الكمال.

فالحب مظهر من مظاهر الضعف الكثيرة في الانسان، ابداء هذا الحب يبدي ذلك الضعف في الكثير من الاحيان، و مسألة ابداء الضعف و ظهوره هذه تختلف عن مفهوم عزة النفس و ذلتها، فالضعف في هذا المجال هو احدى ماهيات الانسان التي لا مناص عنها، فهي وجه من الوجوه الخاصة بذات الانسان و لا تتأثر بالحوادث الخارجية، فظهور لضعف و الاحتياج في هذه الحالة يشبه طلب الطعام و الشراب الذين يمثلان سداً لحاجات مرتبطة بالذات البيولوجية للإنسان و لا دخل لمسألة العزة و المكانة الاجتماعية بالنسبة للطعام و الشراب و حاجات الجوع و العطش فهي مرتبطة ذاتياً بجسم الانسان، لكنها على أي حال تظهر الضعف و الحاجة في هذا الانسان، و تظهر مدى الحاجة الى سد النقائص و الوصول الى الكمالات.

مشكلة تفسير حاجة الحب عند الانسان هي الارتباط المباشر بينها و بين حاجات أخرى، و عادة تكون الاضطرابات و المشاكل النابعة من الحب نتيجة لاضطراب العلاقة بين تلك الحاجات، فكثيرا ما يرتبط الحب بالجنس، و من الفلاسفة و علماء النفس من جعل الحب نتيجة حتمية للحاجة الجنسية، و منهم من فسر الحب على انه السعي نحو الأمان، فالمحب يجد في محبوبه الطمأنينة و الأمان، و ذلك عن طريق الارتباط النفسي بين المحب و محبوبه بحيث تكون المشتركات كفيلة للعودة من التفكير بما تخبئه الحياة و ما في المستقبل من تحديات قد لا يرغب أحدنا بالتفكير فيها و قد لا يرغب ان يخوضها وحيداًً كما يمكن أن يتهيأ لنا، بينما وجود الطرف الآخر للحب يوفر لنا الاطمئنان من عدم ورود الوحدة في حياتنا، و التي تعد بحد ذاتها امراً مخيفاً ينفر الانسان منه بطبعه.

و من هنا قد يأتي التعبير القرآني عن الزواج بأنه سكن للزوجين، و تفسير هذا واضح عند التدبر بما يوفره السكن للإنسان من أمان و طمأنينة.

لذا فالحب بحد ذاته ليس أمراً أصيلاً، إنما هو مجموعة من الحاجات التي قد تجتمع في حالة إنسانية تؤدي إلى ذلك الشعور المتعارف بالانشداد و التدفق القلبي، و هكذا هو الارتباط بالرموز التاريخية أو بالشخصيات الوهمية و أبطال القصص الخيالية، فهؤلاء الأبطال يقومون بملء الفراغات الروحية لمحبيهم و يجعلون فيهم انشداداً معنوياً يوهم صاحبه بأنه يعيش حالة حب و عشق و وله، لكن الملاحظ أن التسمية تشابهت مع الحلات العملية للحب، فكلاهما يقال عنهما "حب"، لكن الواقع يختلف كثيراً عن الخيال و الحب العملي يختلف كثيراً عن الحب الخيالي، و حب الشريك يختلف عن حب الرمز، كلاهما سميا حباً، لكن باعتراف أصحابهما هما يختلفان.

ذلك الاختلاف يؤكد أن كلا الحالتين يشدان الانسان لملء فراغٍ معين فيه يختلف عن الآخر، فالحاجة الى الرمز تختلف عن الحاجة الى الشريك، كما يختلف حب الأرض عن حب الأشخاص على سبيل التشبيه و المثال، لكن ربما القصور في التعبير اللغوي أو القصور في الفهم النفسي و الفلسفي لهذه الحالات جمعتها كلمة الحب، بينما الحب واقعاً مجموعة حاجات انسانية تثير الخلط بين العقل و الشهوة في كثير من الأحيان فنشتبه بتسميتها حباً، فالحب ليس أمراً واقعاً أصيلاً، ولا هو قوة أو ملكة، بل هو تعبير لغوي خالص، هو حاجة و ضعف يبرزان ماهية الانسان و ذاته و حاجته للكمال و خالق الكمال و السكن و الأمان بالمعنى، و حاجته للجنس بالمادة، و تغطية هذه الحاجات و تلبيتها سيزيل التعبير عنها بالحب من على الألسن، و إذا ما ملئت تلك الحاجات عند أحدنا بأي طريقة من الطرق انتفت حالة الحب.

Sunday 28 September 2008

الخلق الإجتماعي


للكثير من المثل و القيم البسيطة بالغ الأثر في الحياة الاجتماعية الحديثة، الكثير من الاخلاقيات التي قد تعد بسيطة الفهم و مناسبة لصغار السن تكون في الحقيقة هي المحرك الأكبر لحياة "الكبار" الاجتماعية و السياسية، من أمثلتها الصدق و الكذب و الوفاء بالعهود.

هذه المفاهيم البسيطة قد تكون هي المحرك الأساسي للمجتمعات، لكن على شرط نقاء الفطرة و نظافتها في هذه المجتمعات، فعندما تتلوث فطرة المجتمعات و تتأثر بالثقافات غير النظيفة ستكون قراراتها غير سوية، فلا تتحرك وفق الفطرة و لا تتأثر وفق المفاهيم الأساسية البسيطة، بل تكون المصالح الخاصة و النزوات أساساً لتحركها، إضافة الى الدعاية و الأثر الاعلامي المكون لحالة " الوقر في الآذان" فلا تستطيع حينذاك الاصغاء لنداء العقل.

بذكر الأثر الأساسي للمفاهيم البسيطة على حياة الشعوب نقل لي عن أحد الأصدقاء الأمريكيين أنه رفض التصويت لتجديد الولاية لبوش قبل أربع سنوات فصوت لمنافسه، لماذا؟ لأنه كذب على الشعب الامريكي حين ادعى أن أزماته ستنتهي بالحرب على أفغانستان و العراق، لا لانتماء هذا الصديق الأمريكي للحزب الديموقراطي المنافس أو ما شابه، فلا خلاف سياسي هنا فكل الأمر ينحصر بمسألة أخلاقية بسيطة.

و سواء صحت مقولة هذا الصديق أم لم تصح، المهم هو أثر المفهوم الأخلاقي على الموقف السياسي أو ما يوازيه، بكن النظرة المجتمعية غير السوية و المغايرة للأمور تكون لأمرين متداخلين، الجهل و اختلال المفاهيم، سواء البسيطة أو المعقدة، و عند ذكر النظرة المجتمعية فالأمر يختلف عن النظرة الفردية كما هي بالنسبة للصديق الأمريكي، فهي لا تعني أو ترادف الاختلاف الثقافي بين الشعوب، إنما تعني الموقف الشعبي و النظرة العامة المكونة للرأي الاجتماعي و المحرك لكل هذه لهذه المواقف اتجاه القضايا المرتبطة بالشعوب و مصائرها.

فالمجتمع يكون في مرحلة الخطر اذا وصل لمرحلة من الاختلال الاجتماعي بحيث تتغير الموازين فيه عن الفطرة السوية، و الأمثلة القرآنية لتجربة الشعوب الماضية تحكي مراراً عن مثل هذه الحالات، منها قوم لوط عليه السلام، الذين فقدوا صوابهم و داسوا على الفطرة و أخلوا بالميزان الاخلاقي، فصارت فواحشهم محاسن بالنسبة إليهم، كذلك أهل مدين قوم شعيب عليه السلام، دعاهم شعيب لاحترام العهود و عدم أكل الأموال من الفقراء و العدل في الكيل و الميزان و ترك ميكيافيلية التعامل الاجتماعي و التجاري، لكن ما يظهر من الآيات الشريفة أن تلك الحالة كانت سائدة في قوم شعيب، و في كليهما أتى الناس عذاب شديد بما كانوا يخلون بالميزان الأخلاقي، إذ صار المعروف منكراً و المنكر عندهم معروفاً، و هذا ما يحدث في آخر الزمان قبل مجيء المهدي عليه السلام.

و على الرغم من عدم نزول العذاب على هذه الأمة، إلا أن نفس الأسباب المسوغة للعذابو نفس الآثار السيئة لهذه الأسباب مازالت حاضرة و لها كل الأثر، فكان من رحمة الله سبحانه و تعالى أن عذب أولئك الأقوام لكي لا يتأثر اللاحقون بما أفسد قبلهم وأخل من موازين، و على اعتبار حصول نفس الأسباب في آخر الزمان فلا يكون نزول العذاب مطهراً للأرض من المفاسد، بل كان خروج المصلح هو الحل الوحيد لإعادة المجتمعات الى الفطرة الطاهرة السوية، هذه الفطرة التي تتضعضع تحت نير الماديات و تقريب الأغنياء لغناهم و النيل من الفقراء، امتصاص مساكين الأرض و مستضعفيها و التهام ثرواتهم الطبيعية، الوسائل اللاأخلاقية لتحقيق الأهداف المشبوهة، تلويث الأخلاقيات العامة لدواع لا تمت للإنسانية بصلة، فمتى كانت الحرية مدعاة للتحرر الأخلاقي الجنسي؟ هذا إن صح التعبير بـ"تحرر" عنها، إذ ماكان احترام الحرية الا تقديراً لمكانة الانسان و الإنسانية، و التحلل الجنسي مشوه واضح لكرامة الإنسان، فالجنس حاجة غريزية ما ان امتلكت الانسان إلا كانت كالنزوات الأخرى كالأكل و الشرب.

تلك النزوات يشترك فيها الانسان مع الحيوان، و هذه المشتركات امتلكت الحيوان فجعلته في منزلته التي هو فيها، بينما في الإنسان حاجات هي أسمى و أشرف من هذه النزوات، الكرامة و الشرف و الروح العالية و السعادة الدائمة الكاملة و الكمال في كل شيء أهداف الانسانية.

أما معاني الحرية و العدالة و المساواة فما هي إلا وسائل و طرق لتحقيق الأهداف الانسانية السابقة، و استخدامها السيء يؤي الى تلويث الأهداف الانسانية و تحريك النزوات الحيوانية المردية للإنسان، و هكذا هي المجتمعات، كيان إنساني في أعلى المراتب، فما أعلى من الإنسان الا مجموعة أكبر من هذا الانسان، الا الناس، فالمجتمعات تتغذى على القيم و المبادئ التي إن تلوثت تلوثت المجتمعات، وهي لا تتأثر بالغرائز و الشهوات كالأفراد بقدر ما تتغذى على القيم و الثقافات.

و هذا يعيدنا مجدداً الى كربلاء و بطل كربلاء، كونه مشرع أساسي في الإسلام بدلالات أحدها حديث الثقلين، دراسة مبادئه هي دراسة لمنهج الإسلام، تضحيته بينت بجلاء أهمية القيم الإجتماعية على القيم الفردية، فما زالت قضيته معياراً لتوزيع الأولويات في سلم القيم، فعندما ندرك تفوق أهمية القيم الاجتماعية الباقية على القيم الفردية الزائلة فإننا نذكر تضحية الحسين عليه السلام بنفسه الأبية العظيمة من أجل القيم الكبيرة المغذية للمجتمعات في المستقبل.

فالحسين عليه السلام هو أشرف و أفضل و أعظم ممن عاصروه جميعاً، ولا غبار في ذلك، فلماذا إذن يضحي بهذه النفس الكاملة؟ أوليس الكمال الإنساني هدف الإنسانية؟ هو قد بلغ الكمال الإنساني، لكنه ضحى بحياته من أجل الكمال الاجتماعي.

فالمجتمع هو المظهر الأساسي للكمال الإنساني، فبلغ سيد الشهداء بتضحيته عليه السلام ذروة الذرى و أعلى عليين، لذا كانت هذه التضحية مناراً و شعاراً يستدل بها الأسوياء الذين لا يريدون لمفاهيمهم و قيمهم الإعوجاج بالغرائز و الجهلاتالتي تحركها رغبات النخبة من الطواغيت المستكبرين أصحاب المصالح و رؤوس الأموال، فصارت القيم و المفاهيم الأخلاقية البسيطة هي محركات المجتمع المتغذي بروح الحسين عليه السلام، و كانت نظافة هذه المجتمعات واضحة فصارت سجيتها رفض الظلم و التعدي على الكرامة الانسانية بشتى الطرق، و السعي نحو الكمال الاجتماعي السامي في القيمة على مراتب المخلوقات، فتحقق بذلك هدف الخلق و هدف الإنسانية، فالجميع الآن ممتنون لدم الحسين عليه السلام الذي أراقته الوحوش في كربلاء، و بتعبيره عليه السلام عنهم بـ"عسلان" الفلوات كفاية
.

Wednesday 24 September 2008

دولة مؤقتة


نعيش في دولة مؤقتة، التخطيط و الاعداد للمستقبل يجب أن يبدأ من الثقافة، أي تنمية ثقافة الانسان الذي يعيش في هذا الوطن، الانسان في الكويت يخطط لمستقبله الخاص، و هذا يتطلب القبول الشخصي لكسر القوانين، فالفرد الذي يعيش ذاته يختلف كلياً عن الفرد المسؤول الذي يعيش المسؤولية و الذي يضع على عاتقه تنمية بلده.

اذا طرحنا تساؤلنا على النمط الاول من الناس، اي الذين يعيشون حياة الفرد المنقطعة عن المجتمع، هل تقبل ان يصدر قانون دستوري يخول لك ان تفعل ما تشاء و تكسر أي قانون تريد؟

هل تقبل أن تكون الوساطات منحصرة فيك وحدك؟ هل تقبل أن يسير الجميع وفق القانون ما عداك؟ بحيث يكون الجميع راضين؟

النمط الأول سيقبل، بينما الثاني لن يقبل، المسؤول عن المجتمع لن يقبل أن يكسر القانون حتى لو كان هذا في صالحه، الكثيرون يرون أن الحصول على الشهادة يعني الأهلية للحصول على الوظيفة، فما الشهادة الى مرحلة من مراحل التوظيف و كسب العيش، هذا هو التفكير الفردي.

أما التفكير المجتمعي فهو (الحصول على الشهادة من أجل الحصول على العلم)، فإن تنمية البلد تكون بتمنية موارده البشرية، فالمستوى الأفضل للبشر يعني مستوى أفضل للمجتمع و نهاية سعيدة للبلد.

يبدأ التفكير المجتمعي بالإرداة الصلبة لتحمل المسؤولية، و تحمل المسؤولية تبدأ من التطوير الذاتي من جميع النواحي، ثم الاحترام للقانون، و تغيير الثقافة الاستهلاكية في الناس، فحتى لو صارت فواتير الكهرباء و الماء و البنزين اختيارية ينبغي أن نبادر جميعا لدفعها.

هل هذا النمط من التفكير يعيش بيننا؟ لو كان فينا ما يكفي من هذا الأسلوب لما صرنا نعيش في دولة مؤقتة تترنح إثر رياح التغييرات فيما حولنا، بحيث صار الجميع يخطط لمشروع احتياطي للمستقبل يحفظ كرامته بعد السقوط الكبير، خافلين أن حتى الدين يحث على التفكير المجتمعي، فقيمة المجتمع تغطي قيمة الفرد، و في الأزمات يركب الجميع سفينة واحدة، ولا يفرق الغرباء بين فئاتنا بل يرونا سواء، لذا كان المجتمع أفضل حماية للفرد، فصار من الجهل التضحية بالمجتمع في سبيل الفرد
.

Sunday 14 September 2008

قصاصات


السعودية تمدد امتياز شيفرون من دون الرجوع للكويت
وافقت الحكومة السعودية بشكل نهائي على اتفاق تمديد امتياز نفطي لشركة
شيفرون الاميركية في المنطقة المحايدة التي تتقاسمها مع الكويت، فيما اكدت
مصادر نفطية في مؤسسة البترول ان هذا التمديد لم يناقش مع الكويت. واوضحت
المصادر ان انباءا كانت افادت، في وقت سابق، ان السعودية تبحث تمديد امتياز
شيفرون لمدة 6 أشهر، لكن القرار النهائي لم يبحث مع الكويت، على الرغم من اتفاق
الجانبين السعودي والكويتي على اجراء مباحثات مسبقة لأي قرار يتعلق بالمنطقة
المحايدة، والتي تعمل فيها شيفرون

..احنه طوفة هبيطة من زمان
يقال ان وزير النفط الأسبق علي الجراح أوقف العمل في المصفاة الرابعة استجابة لرفض سعودي. كانت الكويت لاعباً سياسياً مهماً في الشرق الأوسط، لكنها الآن صارت أقل من عادية، الطريف في الأمر أننا لا نزال نظن اننا "نازلين من السما" و أننا شعب الله المختار، لكنني بدأت أعتقد بما قاله لي صديق في أحد الأيام، أن الاستراليين ينظرون إلينا كحشرات
.



القرضاوي يحذر من غزو شيعي للمجتمع السني

حذر رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين يوسف القرضاوي، من ازدياد المد الشيعي،
داعيا علماء المسلمين إلى التكاتف لمواجهته.واكد القرضاوي لصحيفة المصري اليوم
المستقلة، في عددها الصادر امس، ان "الشيعة مسلمون، لكنهم مبتدعون، وخطرهم يكمن في
محاولتهم غزو المجتمع السني، وهم يهيئون لذلك بما لديهم من ثروات بالمليارات،
وكوادر مدربة على التبشير بالمنهج الشيعي في البلاد السنية خصوصا أن المجتمع السني
ليست لديه حصانة ثقافية ضد الغزو الشيعي". وأضاف: "نحن العلماء لم نحصن السنة ضد
الغزو الشيعي لأننا دائما نعمل بالقول: ابعد عن الفتنة لنوحد المسلمين وتركنا علماء
السنة خاوين".وتأسف من وجود شيعة في مصر. وقال: "حاولوا قبل ذلك عشرات السنوات أن
يكسبوا مصريا واحدا، ولم ينجحوا من عهد صلاح الدين الأيوبي وحتى 20 سنة مضت".
وأضاف: "هم الآن موجودون في الصحف وعلى الشاشات ويجهرون بتشيعهم وبأفكارهم، ويعملون
مبدأ التقية وإظهار غير ما بطن، وهو ما يجب أن نحذر منه، وأن نقف ضده في هذه
الفترة، وأن نحمي المجتمعات السنية من الغزو الشيعة".


بحياتي ما شفت هالكثر تناقض بتصريح واحد، في بداية الأمر ما هو سبب وجود المد الشيعي الحالي؟ لماذا تدور هذه النغمة في أيامنا هذه أكثر من غيرها؟

السبب واضح، و هو الحضور الشيعي القوي في القضايا الكبيرة التي تخص الأمة الإسلامية، حضورهم القوي في مواجهة أمريكا و اسرائيل، و حضورهم الفكري المصاحب للانتشار السهل و السريع للمعلومات، لقد وجد الكثيرون في الحركة الشيعية الحل لمشاكلهم الروحية و الاجتماعية و السياسية، في ظل الحضور غير المحبب للأطراف المناوئة للشيعة، و خير مثال على ذلك التصريح الجديد للمفتي السعودي صالح اللحيدان الذي يبيح قتل بعض ملاك القنوات الفضائية (مع بعض الشروط).

أضف الى ذلك كله قول القرضاوي أن المجتمع السني لا يملك حصانة ضد الثقافة الشيعية، و يبرر ذلك بتقصير العلماء السنة و لا يبرره بقوة الطرح الشيعي.

يرى القرضاوي ضرورة وحدة المسلمين، و في نفس التصريح يحذر من المد الشيعي، هل كيف يكون التناقض إذاً؟

يؤكد القرضاوي توفر الأموال الضخمة عند الشيعة، و لم يجهد نفسه قليلاً بالمقارنة بين الأموال الشيعية و السنية إن صح التعبير، فالواضح جداً أن الشيعة أقل أموالا و عدداً من السنة.

أخيراً يقول أن الشيعة ينشرون أفكارهم في المجتمع السني و يجهرون بها، لكنهم مع ذلك يعملون بالتقية! هل كيف يكون التناقض يا شيخ؟

متى سنقارع الحجة بالحجة؟

Tuesday 9 September 2008

اطـعمـوا أسـيركم


عندما كان علي عليه السلام خليفة المسلمين، كان يقسم العطاءات و الرواتب، و بعد حرب صفين،جاء اليه عبدالرحمن بن ملجم المرادي، وهو حين ذاك خارجي يجاهر ببغض أمير المؤمنين عليه السلام، جاء ليستلم عطاءه، عرفه علي عليه السلام، فزاد من عطائه لسبب ما.

في الشام كان لمعاوية بن أبي سفيان حكم ذاتي، و كان يجاهر أيضا ببغض علي عليه السلام، و عندما حصل معاوية على الخلافة أمر بسب علي عليه السلام على المنابر في الخطابات الرسمية و ربما في غيرها.

عندما سقطت دولة الأمويين و حصل بنو العباس على الخلافة، كان خلفاؤهم يقتلون أبناء و أحفاد علي عليه السلام، و كان الكثير منهم يسبه و ينتقص من شأنه في مجالس بلاطهم.

بالنسبة للخوارج، فقد كانت قيادتهم تعيش في الكوفة، حيث يعيش علي! و كانوا يحضرون الصلاة و الخطب، و يستلمون معاشاتهم، و يشترون و تباع لهم المؤن، لم يتم عزلهم، لكنهم على الرغم من ذلك كانوا ارهابيين، قتلوا عبدالله بن خباب بن الأرث ابن الصحابي، و قتلوا زوجته و الجنين الذي في أحشائها، و كانت هذه العملية الإرهابية إعلان الحرب على علي عليه السلام.

عندها قام علي كما قام سابقا في بدر و في غيرها، كما جهز جيشاً لإعادة الحرب في صفين، رداً على إغارات معاوية على معسكرات الكوفة، و ما أثار الإمام عليه السلام هو الهجوم على امرأة يهودية و نهبها من رجال معاوية، و المرأة اليهودية كانت تسكن في نطاق الكوفة و تدين بالولاء لحكومة علي عليه السلام كمواطنة.

عقيل بن أبي طالب هو أخو الخليفة، كان فقيراً، و هو ممدوح من قبل الرسول (ص)، جاء عقيل الى علي عليه السلام يطلب من بيت مال المسلمين قرضاً، فأدنى منه علي حديدة محماة، إشارة لرفضه، و تذكيراً بيوم القيامة و نار حامية و جنة و آخرة، و عقيل أخوه، و قيل ان ابنة لعلي عليه السلام قد اقترضت عِقدا من بيت المال لتتزين به في زفاف، و تركت مقابله رهنا يعادله في بيت المال، فما استحسن علي ذلك، و تأكد من وجود الرهن في بيت المال.

عندما جاء عبدالرحمن بن ملجم في المرة الثانية، جاء ليغتال علياً عليه السلام، و فعل، و ظل علي عليه السلام جريحاً إثر ضربة سيف ابن ملجم ليلتين، في هاتين الليلتين كان ابن ملجم محبوساً حتى يحاكم، في هاتين الليلتين قيل أن علي لا يشرب اللبن كله، فيترك شطراً لقاتله ابن ملجم و لم ينسه، و كان يقول لمن معه "اطعموا أسيركم
".

Saturday 6 September 2008

الكمال العلوي


صفة الإنسانية التي شرفها الله سبحانه و تعالى ليست أمرا خالصاً، و تشريفها ليس من ذاتيتها، بل بكمالاتها، النفس الإنسانية الأكثر كمالاً تكون أكثر شرفا، بينما النفس التي تغرق نفسها في أوحال الغرائز و الشرور تكون أكثر خبثاً مما هو في العادة أقل تشريفا من الإنسانية، لذلك كانت النفس الإنسانية متغيرة الحال و المرتبة بشكل متفاوت.

القيم و المبادئ التي ترفع قيمة الإنسان يجب أن تكون حاضرة في سلوكه، فإذا ما اقترنت المعرفة بالعمل صار الإنسان أكثر كمالا و قيمة.

علي بن أبي طالب عليه السلام، له أثر أدبي جمعه الشريف الرضي في كتاب نهج البلاغة، يقول في طيات خطبته الأولى:

أول الدين معرفته و كمال معرفته التصديق به.و كمال التصديق به
توحيده.و كمال توحيده الإخلاص له.و كمال الإخلاص له نفي الصفات
عنه لشهادة كل صفة أنها غير الموصوف و شهادة كل موصوف أنه غير
الصفة. فمن وصف الله سبحانه فقد قرنه.و من قرنه فقد ثناه.و من ثناه فقد جزاه.ومن جزأه فقد جهله.و من جهله فقد أشار إليه.و من أشار إليه فقد حده.و من حده‏ فقد عده.

هذا الكلام ينم عن علم جم لايرقى إليه مرتق، و عادة يتصور لنا أن من يصدر منه مثل هذا الكلام شخص جالس في إحدى زوايا بيته يفكر و يكتب و يقرأ و لا يبرح مكانه، لكن الحقيقة هي أن قائل هذا الكلام إنما هو نفسه حامل السيف، و نفسه الذي كان على رأس دولة مترامية الأطراف.

لقد تجلى العلم و تجلت المعرفة في سلوكه عليه السلام، فكان سلوكه متناغماً تماماً مع ما يطرحه، و كانت لذلك القيمة الإنسانية فيه في أعلى مستوياتها.

أردت أن اصنفه خارج نطاق الدين، فوجدته سابقا للفلاسفة، راجحاً على أساطير القتال، متفوقاً على الملوك في الحكمة و العدالة. فلم أجد أنه ينطلق ضمن نطاقات بشرية، بل هو صاحب قضية و رسالة إلهية، إذ كلما ارتفعت الأهداف كلما ارتقت مبادئها في سلم القيم و المبادئ، و لما كان علي عليه السلام متفوقاً في مبادئه و أهدافه أدركنا أن نطاقها أوسع و أشمل، و لما أن شاهدناه مضحيا أدركنا أنها لا تختص بالدنيا، و لما أدركنا أنها لا تختص بالدنيا علمنا أن أهدافه و مبادئه ليست من صنع الناس بل هي ملهمة من الله تعالى، فهي مبادئ إلهية.

Monday 18 August 2008

يا أغـلى بـدر



أنا لا أكرر أقوالي، فالحقائق في العالم ثلاث، الله، الانسانية، الرسالة، يجب أن نجد طريقاً يحل لنا اشكالية العلاقة بينهم.ما ان تحل هذه الاشكالية تصير الحياة متناسقة، و تصير الأهداف واضحة و صريحة.

مادامت الحقائق قليلة، فالكلام يقل، و اذا تكلمنا كثيراً... كررنا، و إذا لم نكرر فإننا نذكر و نؤكد، الله تعالى خلق الإنسان و جعله أفضل المخلوقات، اقدرها على التكامل و العلو، الله الخالق، هو الرب، هو الإله. الانسان خلق لكي يعيش سعيدا، و لكونه أفضل و أشرف المخلوقات فقد أعطي حرية الاختيار، فحرية الاختيار مقدسة و مهمة، لذلك يجب أن تعطى للإنسان حريته.

الله هو الخالق، هو الرب، هو الإله، الانسان خلق ليعيش سعيدا، و هو أفضل و أشرف المخلوقات، و له حرية الاختيار، و من يملك حرية الاختيار يجب أن يتحكل نتائج اختياره، و إلا كان اعطاؤه الاختيار عبثاً.

الله هو الخالق، هو الرب و الإله، الانسان خلق ليعيش سعيدا، وهو أفضل المخلوقات و أشرفها، له أن يختار و يتحمل نتائج اختياره، لكن الله تعالى لم يتركه وحيدا يصارع غرائزه، انما بعث له الرسائل و الدلائل لسعادته، تلك الرسائل يحملها الأنبياء و أوصياء الأنبياء.

الله هو الخالق و الرب و الإله، و الانسان خلق ليعيش سعيدا، وهو أفضل و أشرف المخلوقات، و له حرية الاختيار و يجب ان يتحمل نتائج اختياراته، و قد ساعده الله تعالى بأن بعث له الانبياء يحملون الرسائل لهدايته نحو السعادة، و تلك الرسائل تقول أن طريق الخير هو طريق السعادة.

طريق الخير، هو الطريق الذي جاء به الانبياء، وهو يفرض حرية الانسان ان يختار، و يؤكد على أفضلية الانسان، و ان الانسان يجب أن يفعل الخير لغيره من بني الانسان، و هذا لكي ينال الانسان قيمته الحقيقية التي جعلها له الله تعالى و فضله بها على جميع المخلوقات، و بهذا الطريق يقترب الانسان من الله تعالى، و قرب الانسان من الله يحقق له الكمال و السعادة، فالله هو الخالق و هو الرب و هو الإله.

و هكذا ندور في حلقة القيم و الحقائق الثلاث، أما الوطنية، و الانتماء و الأسماء و الألوان و الأموال، و جميع العوارض ماهي إلا مظاهر تحكمها الظروف، زائلة بزوال الظروف، و تبقى الحقائق الثلاث، ما قيمة الوطن و ما قيمة غير الوطن أمام الحقائق الثلاث؟

ألهمني البدر هذه الكلمات، فالمنقذ الذي يحقق العدالة الالهية في آخر الزمان دليل على أن طريق الخير هو الذي يحقق سعادة الإنسان، إذ يجرب الناس هذه السعادة في آخر الزمان فلا تبقى لديهم حجة.

Thursday 7 August 2008

عندما تمتلك القوة




لو امتلك أحدنا مقاليد سلطة أقوى دولة في العالم، و لو انصاعت له مقادير أمور الدول الأخرى، هل سيمضي في سياسته وفقاً لمصالحه فقط؟ أم وفقاً لانسانيته؟ هل يراعي الأقليات و المستضعفين في العالم؟

إن الأمر لا يعدو أن يكون خياليا، و جميع الفروض التي فيه خيالية، لكننا قد نعيش تطبيقاتها يومياً، عندما يساعد أحدنا شخصاً في الشارع، أو زميلا في العمل أو الدراسة، أو مسناً بحاجة لأن يصعد درجاً، ألا تنبع هذه الحالة النبيلة من إنسانية خالصة لا تسعى لنيل أي فائدة غير الفائدة الروحية و النفسية؟

لقد أشبع العلماء هذا الموضوع بحثاً، و هو على المدى البعيد يؤثر في مسارات الدول و سياساتها تجاه شعوبها و اتجاه غيرها، مثلا، أجمل الجميع على ان امريكا ليست مؤسسة خيرية غزت العراق فقط لتخليص الشعوب المظلومة من نير الطاغية صدام، فهي لن تنفض يديها من غبار الحرب و من بعد كل المصاريف الهائلة التي دفعتها و ترحل الى قارتها سعيدة، بل لابد لها من تحقيق مصالح أكبر من المجهود الذي بذلته، إن لم تكن الإيرادات أكثر من المصروفات فستخرج خاسرة.

الجميع يقول هذا عن أمريكا و بكل صراحة، بل من السذاجة الاعتقاد بعكسه، و لربما قال الامريكان هذا و لا بأس به حسب رؤية العالم الآن، لكن لو افترضنا العراق دولة لا تؤثر بأي شكل من الأشكال علينا، و نحن دولة عظمى قوية و غنية، و صدام مازال يذيق شعبه القتل و الهوان، و نحن نملك القدرة على إزالته، و إزالته لن تعيد لنا نفعاً من أي ناحية ظاهرية على حسب موازين السياسة و الاقتصاد الحالي، لكنها ستكلفنا مجهوداً كبيرا و أموالاً كبيرة، فهل سنقدم على إزالته استجابة لنداء الانسانية؟

في الحالات الفردية قد لا نمتنع عن مساعدة الضعفاء، لكن للحالة الاجتماعية وجه آخر، فالمجتمع لا يتحرك كما يتحرك الفرد، و للمجتمع سايكولوجيته الخاصة به التي تختلف عن الفرد، علم النفس الاجتماعي باب مستقل.

للفرد روح يرضيها و يريحها مد العون للضعفاء، تشعر حينذاك بالطمأنينة و النشوة الإنسانية، لكن للمجتمع روح تختلف، روح المجتمع لا ترضى و لا ترتاح بهذه السهولة، إذ يجب تذكيرها بإنسانيتها دوما، و إلا نست، فهي سريعة النسيان، الأفراد يتذكرون تفاصيل الأحداث سريعا، أما المجتمعات فتنسى أهم الأحداث التي هزتها بعد فترة وجيزة.

المجتمعات أقدر على تحريك الأفراد، بينما الأفراد يحتاجون لطاقات كبيرة لتحريك المجتمعات، لذلك صار المجتمع و الناس محور الدين، الوعي الاجتماعي و التناسق الاجتماعي في الفكر سيؤدي الى قوة تبعث في الأفراد فيصبحون أكثر مطاوعة و أسرع حركة في المشاريع الكبيرة، لا سيما التحررية و الثورية و الدينية، لذلك كان خلق الوعي الانساني في المجتمع هو أفضل طريقة لشفاء المشاكل المتعلقة بحقوق الإنسان، لا سيما مشكلة البنغال في الكويت.

الجدل الآن سيكون جدل البيضة و الدجاجة، أيهما أول، لتحريك المجتمع نحو الوعي الانساني هل نبدأ بالأفراد؟ لكن الوعي الاجتماعي هو الذي يحرك الأفراد! على كل حال الطلائع المتقدمة سواء كانت ثقافية أو سياسية أو اقتصادية أو دينية هي المسؤولة، و المسؤولية التي تقع على عاتقها كبيرة و مضنية، حتى المجتمعات الكبيرة تعول كثيرا على القيادات الواعية و الشخصيات المسؤولة، لكن كل ما ينبغي على تلك الشخصيات هو الإيمان بالعمل من أجل الناس، العمل مع الجماهير و من أجل الجماهير بلا حدود.

Tuesday 5 August 2008

قصاصات على مكتبي

عندما يتكلم الأحمق، يصدقه الجاهل، و عندما يتكلم الجاهل سيصدقه الأحمق، ولا مكان للعاقل بينهم، فلن يصدقه الأحمق.. ولا الجاهل!


لماذا بعض الكويتيين يكرهون إيران أكثر من كرههم لإسرائيل؟ بالأحرى لو كانت الدولتان تشكلان خطراً على الكويت، فهل خطرهما متساوي؟ و هل السعودية تشكل خطرا على الكويت و على اقتصاد الكويت و أمنها؟


عندما يطوف المسلمون حول الكعبة، لماذا بعضهم يفسر الطواف تفسيرات لا نفهمها، كأن يقولوا بانه طواف حول العرش، أو انه ذوبان في سلوك الملائكة عند طوافهم حول البيت المعمور؟ إن تعظيم الأشياء يكون بالطواف حولها، و قد أمرنا الله بتعظيم شعائره، و الكعبة من شعائره، فتعظيمها بالطواف حولها و هذا يكفي.


كم إله للمسيحيين؟ هل سأل أحدكم مسيحياً: كم إله لديك؟ الإشاعة عندنا تقول ثلاثة، لكن المسيحيون يقولون واحد.


بعض الناس يمتلكون عزة نفس تكفيهم مؤونة الغربة، اخوانه البنغال، و اخوانه الصينيين مع كل أسف ما عندهم هذي الميزة، يتوقعون الإهانة فينالونها سريعاً، باقي البشر ينتظرون اشباع غرورهم بالتشفي ممن هو على استعداد لتحمل الاهانة.


أحب الليل فالليل يخفيني، و يبعدني عن مسؤوليات جسام، أحب الليل فهو في الصيف يخفف لهيب النهار، و في الشتاء يلوح لنا ان اخرجوا فيه و تسمروا فالليل فيه طويل، أحب الليل ففيه أشعل شمعتي و أشرب قهوتي.


الإيذان بنهاية العالم هو شروق الشمس من الغرب، فرصة وقوع هذا الحدث مرة واحدة كل يوم، انها نسبة كبيرة بما يكفي لأن نستيقظ مبكراً حتى لا تفوتنا الفرصة.


فلم باتمان الجديد، فارس الظلام، جميل جداً بما يكفي لأن ننتظر الجزء التالي.

Tuesday 8 July 2008

الدين الأسـير



التجديد أمر لابد منه، و إلا صارت الحياة رتيبة مملة، لا يفكر الكثير من الناس إلا بما يفكر به غيرهم، فنرى أننا في بعض الأحيان نخشى تحريك الأثاث بطريقة مختلفة، و نخشى التلويح بتغيير بعض المعتقدات الغابرة، و ذلك الخوف لا دليل له، إنه مجرد الخوف من المجهول.

المعتقدات الدينية التي تقبل الاختلاف بالرأي تقبل التغيير، الكثير مما يسمى بمعتقدات هي في حقيقة الأمر عادات و ليست معتقدات، لقد امتزج الدين بالكثير من العادات الاجتماعية مما انتج العديد من التسميات الجديدة للأديان تبعاً للمجتمعات التي ساهمت بالتغيير .

يجب أن ننتبه و نلتزم بالدين الحقيقي الذي نزل من السماء، و لا أرى ذلك إلا بالحركات التغييرية و التفكير خارج الحواجز التي اختلقها الناس، المشكلة أن الشعائر الاجتماعية التي يتوهم الناس أنها شعائر الله تخلق طقوساً يعتقد الناس أنها في صميم الدين الذي نزلت به الملائكة، لذلك يكون الناس أكثر لصوقاً بها.

و المشكلة الأكبر أن العديد من تلك الطقوس تفرَض على الأديان بالقوة، ممارستها بشكل مستقل قد لا يضر الدين، لكن ربطها بالدين و الإيحاء بأنها مشرعة من الله تعالى سيؤثر سلباً على الدين، لأن الأديان يجب أن تكون ذات هدف، و أي تشريع في الدين يتعارض مع السير نحو ذلك الهدف سيعني التناقض، و الأديان بحاجة لأن تكون مستساغة عقلياً.

الحركة التغييرية و التفكير بلا تحجر سيحرر الدين من العادات الدخيلة و الغريبة التي ارتبطت به. الأمر بحاجة للقليل من الشجاعة.

Thursday 3 July 2008

البوسنة المسلمة لا تحب المسلمين


قال لي مهندس من البوسنة أنهم يعانون من بطالة تصل الى 70 في المئة من القادرين على العمل، و البوسنة المسلمة ليست منقطعة عن العرب و المسلمين، إذ يصلها الكثيرون سواء من الخليج أو غيره، لكننا نعاني من جهل هؤلاء العرب الذين يزوروننا.

البوسنة بلد مسلم، عانى من الحرب التي درات رحاها كثيرا و عطلت الكثير من الثروات التي تزخر بها سراييفو، و الآن بعد أن وضعت الحرب أوزارها، بدأ البوسنيون يعيدون بناء بلادهم، و كل ما يحتاجونه هو رأس المال الذي يعيد تشغيل الثروات، لكن عجلة التنمية ساكنة لعدم وجود رأس المال.

في البوسنة الكثير من الموارد البشرية، لكن ما ينقصهم هو تشغيل هذه الموارد، و وفقاً للمهندس البوسني، فإن الناس هناك لا يمانعون أن يعملوا بأجور زهيدة، فهذا أفضل بكثير من البطالة التي تكتنف المشاكل و الجرائم، لكن ما الذي يفعله أهل الخير من المسلمين؟

إن اللجان الخيرية و أصحاب الأموال الخليجية الضخمة يبنون المساجد، و لا شيء غير المساجد، إن البوسنة دولة أوروبية مسلمة أريد لها أن تغير هويتها، فقام المسلمون الخليجيون و العرب و الإيرانيون بالحفاظ على هويتها الاسلامية ببناء المساجد، و إن أراد أحدهم أن يغير من النمط العام للتبرع فأنه سيبني مستشفى.

لكن يظهر أن ردة الفعل البوسنية لم تكن في صالح المتبرعين، إذ أدى ذلك إلى نفور من كثرة المساجد و كثرة البطالة و المشاكل المعيشية، صار أحدهم يربط بينهما بشكل عفوي، فإنهم بحاجة الى المصانع و الشركات التي تشغل أبناءهم، عندها سيكونون أكثر تفرغاً لملء المساجد، كانت البوسنة منتجة لخشب مميز في صناعة الأثاث، لكن بعد أن دمرت الحرب مصانع الأثاث، جاء المسلمون و بنوا المساجد الكبيرة، و جاء الألمان و أعادوا بناء مصانع الأثاث!

البوسنيون ممتنون للألمان، و لا يشعرون بفضل الأموال الخليجية عليهم، بل إنهم لا يعيرونها اهتماماً، فهم يشعرون أن الخليجيين إنما أرادوا فرض التدين عليهم فرضاً، البوسنيون لم يتركوا دينهم في أشد الظروف، لكن الخليجيون لا يسمعون شكواهم ولا يعرفون الأولويات، كل ما يريده الخليجيون هو إشباع غرورهم الديني غير آبهين لنداء الإنسان.

Saturday 7 June 2008

احتكار الحق و الحقيقة



لكي لا نعيش في سجن، لكي نستطيع أن نقول ما نشاء و نكتب ما نشاء و نبدي من آرائنا ما نشاء، لكي نستطيع أن نعبر عن خلجاتنا و نبدي سوءات النواقص، و لكي نستطيع أن نزيح الستر عن الإضاءات المشرقة التي حولنا، لكل هذا يجب أن نعيش في فضاء حر يستمع لما نقول و يقبل ما نقول، و في نهاية الأمر يفهم ما نقول.

مسألة الحرية لا تتعلق بالتشريعات و القوانين، إنها خاضعة لعقليات البشر، إذا لم يكن الطرف الآخر مستعد للإستماع فما من داع لندب الحريات و تنظير التعايش، لابد للمجتمعات التي تريد أن تكمل مسيرة التنمية أن تلتفت لقيمة التعايش و التقبل للآخرين، مهما اختلفت الرؤى و القيم و العادات و التقاليد.

إن القوانين تقبل الجرح و التعديل على كل حال، و الدول تكتب دساتيرها بما يتناسب مع ثقافتها، و تشرع قوانينها بما يتلاقى مع أغلبية مجتمعاتها، لذلك كانت الديموقراطيات تسير وفق النسب و الكثرة العددية، مع حفظ حقوق الأقليات، لأن الديموقراطية كحكم عقلي تؤمن بشكل ضمني باختلاف الثقافات و تعدد الجهات في كل الشعوب، أرى أن الديموقراطية لا تتعارض مع الحكم الديني أو الثيوقراطي، إذا ارتضت ذلك الأغلبية، و سار الشعب بهذا الاتجاه، كل ما يجب أن يؤمن فيه مدعوا الديموقراطية و الحريات هو أن خط الحريات و خط الديموقراطية لا رجعة فيه.

لقد اختار الشعب الكويتي مجلس أمته ليكون ذا مظهر ديني قبلي، لنرض بهذا الاختيار، و لنتعايش مع آراء من يريد لغير الدين أن يسير الأمور، حتى ولو كان الشعب الكويتي ممسوخاً، فيتصرف بتحرر، و يختار بتدين، فتلك آراؤه التي ارتضاها لنفسه، وهو مسؤول عنها، ولا أحد له الحق بأن يصادر آراءه.

لو كان المجتمع متكوناً من رأي واحد، و ثقافة واحدة، و دين و مذهب واحد، لانتفت الحاجة لوجود العقل، و لكان الإنسان آلة تسير وفق ما يراه لها خالقها، و لتعرضنا لشبهة العدالة في الكون، أن لماذا نرى بعض الناس سعداء و آخرون تعساء، لماذا بعضهم أغنياء و آخرون يعيشون القهر و الظلم إذا كانوا جميعاً آلات مخلوقة لتعيش مصيراً واحداً؟ حتى القطاوة يتهاوشون و يختلفون، إذن من حق الانسان أن يعيش الاختلاف و يحدد مصيره الدنيوي و الأخروي بمحض إرادته.

فالمجتمع يحتوي الاختلاف في ذاته، و يتحرك متفاعلا مع اختلافات عناصره، و جاءت الديموقراطية كحل عقلي لاحتواء الاختلاف، و لأجل التنمية و التطوير و التقدم على الصعيد المادي لا على الصعيد الإنساني، الانسان هو الذي ينشئ الديموقراطية و يهيء أجواء الحرية لبلاده، لا القانون، القانون صيغة يتفق عليها المختلفون لتنظم اختلافهم بحيث لا يتصادم مع التقدم و التطور العام للمجتمع.

إذن، تطوير العقل الإنساني، و ثقافة القبول للآخر، و الاستماع لما يقول سيؤدي الى التعارف بين الثقافات، الخطوة التي تليها هي حوار الثقافات و الحضارات، و التي تليها هي وحدة الحضارات، لا كما يرى ذلك فوكوياما، بل بشكل أوسع و أشمل، بحيث يدور الانسان في فلك الثقافة الصحيحة و المنهج الصحيح، و ليس في ذلك تناقض مع مبادئ التعارف و الحوار و التعايش و تقبل الرأي الآخر، فتعدد الآراء لا يعني أن جميعها صحيحة، بل الأرجح صحة رأي واحد، صحة الحق، و الإنسان في سيره يجب أن يتجه نحو الحق و الحقيقة.

إن الحق واحد، لا يمكن أن يكون المتهم مجرما و بريئا في نفس الوقت، ولا يمكن أن يكون الحجاب واجبا و محرما في نفس المكان و الزمان، لا يمكن التناقض في في الحق، الحق لا يتجزأ، و الحقيقة واحدة في كل حالة، الرأي المثالي هو الذي يجب أن يسعى الإنسان ليأخذ به، لكن ليس له الحق أن يحتكره لنفسه، لا يذهب الانسان الا الى ما يراه هو الحق، لكن لا يرفض الآخرين و يرفض الاستماع لآراءهم لمجرد اعتقاده أنه هو الأصوب، لأن علم الانسان في نهاية الأمر ناقص و تجريدي، ولا يفسر جميع الظواهر ولا يتطلع على كل الأمور على حدة.

رفض الآخر، و احتكار الحقيقة لأنفسنا، و إغلاق آذاننا عن ما يقوله الآخرون سيؤدي بلا شك الى الجهل، إلى أن نكون جاهلين للرأي الآخر الذي قد يكون هو الحق و نحن لا نعلم، و الإنسان عدو ما يجهل، لذلك ينتج الصدام و الصراع بين الثقافات و الحضارات، إنه لعدم تقبل الرأي الآخر، هكذا كانت الأقوام التي ذهبت الى مزابل التاريخ الى غير رجعة، هكذا كان قوم نوح، لا يريدون استماع آياته، لذلك و بكل بساطة اتخذوا نوحاً عدواً لهم، و هكذا الكثير ممن نعرفهم، إنهم قوم نوح بيننا يعيشون، و في يوم ما سيغرقون، لا تحت أمواج البحار، بل تحت أطمار أحقادهم.

Friday 6 June 2008

العلم العمومي و العلم الخصوصي



دراسة العلوم تسير بطريقة هرمية، على عكس ما يتصوره الكثيرون، خصوصا دراسة التكنولوجيا و العلوم الحديثة، إذ يبدأ الشخص بتعلم العموميات و يتعمق فيها الى أن يتقنها، ثم يتجه شيئا فشيئا لدراسة الخصوصيات، فتكون الدراسة في مراحلها الأولى متنوعة و واسعة النطاق، لكنها تأخذ بالتقلص و الاتحاد عندما يرتفع المتدرج دراسياً.

هكذا هي هندسة الاتصالات، إذ يبدأ الطالب بدراسة المواد العامة في الفيزياء و الكهرباء و البرمجة، ثم يتدرج الى أن تصبح مواده متشابهة الى حد كبير، حتى إن أحدنا أحياناً سيستخدم نفس الكتب و المصادر لدراسة أغلب المواد العلمية.

و في المراحل الأخيرة من الدراسة تظهر للطالب التطبيقات العملية للمواد التي يدرسها، و ما يلبث حتى يقوم بعمل تلك التطبيقات بنفسه، و في نظم الاتصالات، و كغيرها من النظم الكهربائية و الالكترونية، تقوم الاجهزة و الأنظمة على معادلة واحدة تعبر عن جميع خصائص ذلك النظام أو الجهاز، تلك تسمى ... ربما دالة التحويل!

تعبر تلك المعادلة عن التصرف الذي سيقوم به الجهاز اذا تم إدخال معلومات اليه، التلفون مثلا، هل سيقوم بتكبير الصوت، ام تصفيته، ام تحويله الى كهرباء، ام سيقوم بتشويشه أو تحويله الى موجات، بل حتى ترجمته و التصرف معه بردود أفعال ذكية، في كل واحدة من هذه الاحتمالات يحتاج المهندس الى معادلة محددة، هكذا العلوم، تتجه نحو التعميم و التجريد لفهم الأشياء و نقل التصورات، لا يرى أحدنا كل شيء، إنما يرى أشاء تتشابه، فيصنفها و يجردها و ينقلها الى عالم لا تنوع فيه.

و الدارسون لهذه العلوم يعرفون حقيقة التجريد و التقريب و الاختصار، و يعرفون أن دقة النظرية لا تعني أن الجهاز المبني عليها يعمل، فالتقريب و تقبل الأخطاء البسيطة أمور أساسية لاستكمال التقدم و التكنولوجيا، و المضي قدما نحو المزيد من العلم و المعرفة و التطور و الانتاج.

كما تقوم هذه المعادلة وفقاً لتصرف الجهاز على التعبير عن محتويات هذا الجهاز و طريقة عمله، و يقوم الطالب بدراسة كيفية تطويع تلك المعادلة لتتناسب مع متطلبات الجهاز، كل هذا بشكل عام يعبر عن أغلب الأجهزة الالكترونية، لكن ما إن يصل الإنسان لقمة الهرم الدراسي حتى يقوم بمشاهدة العموميات من جديد، و يعيد النظر الى ظواهر الأمور، و يقوم بمعايشة الواقع بأدواته البسيطة، و يحسب حساب الآحاد، فالعلم الحقيقي بعيد عن التجريد، العلم الحقيقي يعرف خصوصيات جميع الأفراد و الأشياء، و يعرف مبدأها و منتهاها.

Tuesday 3 June 2008

عدنان و نتائج الانتخابات على لسان الدعيج

تستهويني الكثير من مقالات عبداللطيف الدعيج، أراه دقيقاً فيما يقول، و في المقالة التي كتبها في السادس و العشرين من مايو ما يكفي لتبيان بعض الحقائق، و فيها ما يتعلق بسيد عدنان عبدالصمد، كان عنوان المقالة ’لا أحد يستفيد من الخصومة’:

اغلب الذين فوجئوا او لم يتقبلوا نتائج انتخابات الدوائر الخمس، هم الذين كانوا يتوقعون الكثير من نظام الدوائر الجديد، من دون ان يلاحظوا ان الناس هم الذين يختارون، وهم الذين يحددون، وأن من الصعب تغيير خياراتهم بين يوم وليلة. الدوائر الخمس مكسب شعبي قياسا الى نظام الخمس والعشرين، لم ينقل البلد او يقفز به الى الامام، ولكن المؤكد انه منع المزيد من التدهور والانحدار.

في واقع الأمر، لم تكن طبيعة النظام الانتخابي الجديد هي السبب المباشر او الوحيد في عدم توافق نتائج الانتخابات والاحلام او الآمال الشعبية والوطنية التي بنيت عليها، بل ان الخلافات التي دبت في صفوف القوى الوطنية وبعض التكتيك الذي لم يتلاءم والنظام الانتخابي الجديد اثرا بشكل فعال ومباشر في النتيجة.نشير هنا بالذات الى الانقسام الوطني الشيعي – السني، الذي اتحد في حركة نبيها خمس، وشكل دعما وطنيا قويا لمرشحي الحركة الوطنية ولعموم المرشحين الذين دعموا حركة نبيها خمس. لقد كسبت قوى الردة - مع الأسف - من اثارة قضية التأبين، وخسر التياران الوطنيان داخل الطائفتين من الانقسام و«التشره» الذي خلفته قضية التأبين.

منذ البداية انتقدنا موقف التيار الوطني، واشرنا الى خطأ تجاهله للأزمة، والى عدم تسجيل حضوره وموقفه منها. لقد اختار التيار الوطني السلامة بالوقوف موقف المتفرج وبعدم الافصاح عن موقفه في قضية التأبين، رغم ان القضية انفصلت وتحولت من قضية تأبين الى هجوم شرس ووقح على كل طرف وطني، كان كل ذنبه انه كان الطرف الشيعي الوحيد الذي ايد الدوائر الخمس، وانه الطرف الوطني الشيعي الوحيد الذي تصدى لقوى الفساد «الزرق» بسنتها وشيعتها مثل ما تصدى قبل ذلك لحرامية المال العام.

لكن مع كل هذا، فإن الخطأ لا يعالج بالخطأ، والاوطان والقضايا الوطنية ليست ثارات وحزازات، بل مصالح وامانات تروض النفس على تلبيتها، ويعرض المال دفاعا عنها. انقسام الصف الوطني او بالتحديد قوى نبيها خمس ادى الى هذه الفجوة الملحوظة التي تمدد منها الكثيرون. اليوم المطلوب تناسي الخلافات والعودة الى توحيد الصفوف، وما فاتنا تحقيقه في الانتخابات العامة مطلوب التعويض عنه في انتخابات المجلس.

Wednesday 28 May 2008

الطفـل عندما يغـضـب




هدّي يبه هدّي
..
لا تظنوا بأن الصوت العالي يعني أن صاحبه على صواب، ولا يعني أسلوب الخطابة أن المتحدث واثق مما يقول، في كثير من الأحيان يلجأ المتحدث الى الاساليب الجذابة أو الصاخبة لدعم وجهة نظره الركيكة.

عندما ندقق النظر سنجد أن المتحدث مجرد طفل ذي عقل محدود و تفكير بسيط، لكنني قلت و أقول مراراً أن صاحب الحق و المنطق الواثق من صحة موقفه لا يعول على صخب الأسلوب كثيراً، و هذا لا يعني عدم تأثير الأسلوب الخطابي على الناس، و كيف أن الأساليب القوية قد صنعت المعاجز و الأهوال في التاريخ.

سابقاً حينما كان الهدوء هو الغالب، كان الصارخ يجذب الأذهان إليه، لأنه يحدث تغييرا في الحالة الاعتيادية، لكن في الكثير من مجالسنا اليوم أجد أن الهادئ في الطرح يجذب انتباهي أكثر، لأنه هو من أصبح يحدث التغيير في الحالة الاعتيادية الصاخبة.

لا تعني لي الرتوش و الهوامش و البهارات الزائدة شيئا، و لا ينبغي أن يكون لها كل ذلك التأثير النفسي، يجب علينا أن نعتاد على حدة النظر الى الامور و قياس الصحيح منها بمنطقية الطرح لا بأسلوبه. لكن المجتمع العربي بالذات ميال الى الاساليب النفسية للخطابة و الكتابة، و تعد فنوناً بحد ذاتها، لكنها لا تغني عن الحق شيئا، بل أضحى بعضهم يستدر الدمعة و يسكبها أملا بإحداث حالة الانبهار لدى المستمعين.

القرآن الكريم معجزة الرسول (ص)، لكنه معجز لا بأدبه و لغته، إنه معجز بما يحويه من قيم و مفاهيم كبيرة و عالية، أما الإعجاز اللغوي فلا يفهم عقلياً، نعم يفهم الاعجاز اللغوي عقلائيا و عادة، لكن العقل يقبل أن تكون لغة القرآن الأدبية متاحة للناس، و هذا لا يعني أن ننفي بلاغة القرآن التي فاقت البشر، و من لهم حس باللغة العربية و بلاغتها يشعرون بذلك، لكن إعجازه الحقيقي كان بالقيم و المنطق، مدعومة بجمال اللغة.

هكذا ينبغي أن نكون، أولاً أن نكون أصحاب حق، ثانيأً أن نكون واثقين مما نعتقد به، و أخيراً أن نقوي اعتقاداتنا بقوة الأسلوب.

Friday 23 May 2008

الديـن عندما يقـتــل



قرأت كتاباً يدعي بأن الدين ليس أفيوناً للشعوب فحسب، إنما هو محفز فوق العادة للحروب، و ذكر لذلك شواهد متينة، ففي زماننا الحاضر على اقل التقادير، حيث نعلم مالذي يجري من حولنا و نراه مرآى العين، نجد أن أغلب الحروب إنما قامت على أساس ديني، أو بسبب الإحتكاك الديني عند نقاط التماس الجغرافي.

مثال على ذلك الحرب التي دارت في التسعينات في يوغوسلافيا، عندما تم تحرير كوسوفو من مذابح الصرب، إذ أن الكاتب عايش تلك الأحداث عن قرب، و تلمس الطابع الديني للحرب، فكوسوفو ذات أغلبية مسلمة، و كذلك الحرب التي دارت في البوسنة قبلها، و الشيشان مع روسيا، حيث نقاط تماس الاسلام مع المسيحية.

و القتل الذي كان دائراً و مازالت تبعاته مستمرة في العراق، أساسه ديني مذهبي، فالعراق نقطة تماس جغرافية بين التشيع و التسنن الإسلاميين، و لبنان تلتقي فيها الديانات الثلاث، المسيحية و اليهودية و الإسلام، و مازال اللبنانيون في حالة قلق، فالحرب هناك تنشب بين ليلة و ضحاها.

كذلك الحرب الأمريكية في افغانستان، فسببها أحداث الحادي عشر من سبتمبر، و التي ما كانت لتحدث لولا الدين، إذن فالدين هو السيف الذي تقاتل فيه البشرية و تسفك فيه دمها.

إن وجهة النظر تلك صحيحة الى حد ما، لكن الواقع يدفع بوجود سبب آخر للقتل، وهو المال، كثيرا ما تعني الزيادة في الرقعة الجغرافية للدولة زيادة في الموارد الطبيعية، و بالتالي زيادة في الأموال، و كثيراً ما تفسر الصراعات في الشرق الأوسط الى وجود منابع النفط فيها.

لكن إذا أخذنا بوجهة النظر الأولى، وهي أن الدين هو سبب الحروب، فإن تفسيراً يتبادر الى الذهن عند النظر في أسباب العنف البشري، تفسير العنف هو في حقيقته الضعف، أو الشعور بالخوف من الضعف و الحاجة، عندما يشعر أحدهم بأن دينه في خطر، فإنه يبادر الى درء ذلك الخطر بالطرق الدموية، لكن المؤمن بالأحقية العقلية لدينه لا يبادر للقتل، حتى و إن استنفد الطرق السلمية و المنطقية.

بعض تلك الطرق مشروعة بحكم بعض الأديان، لكنها لن تبرر بأي حال من الأحوال إن كانت بادئة بالقتل و سفك الدماء، لذا فالأديان ليست متساوية، نعم البشر متساوون من حيث أنهم جميعاً يمتلكون الحق للبحث عن الدين الصحيح، لكن ينبغي البحث عن الدين الذي يرفع من شأن الإنسان لا الذي يقهر الإنسان و يقتله، اليهود مثلا لا يؤمنون بانتشار الدين، فهم يعتقدون أنهم سلالة اختارهم الله، لذلك فهم لا يقومون بالدعوة لدينهم، و لذلك لا يتورعون عن قتل غيرهم، إذن فالإنسانية عندهم محصورة بفئة محددة، بينما الوضع بالنسبة للمسيحية و الإسلام يختلف تماما.

إن التصرف الأهوج لبعض المتدينين لا يعطينا الحق أن نتخذ موقفاً من جميع الأديان و المذاهب، فهي تختلف و يختلف أتباعها، و إن كانت بعض الحروب التي قامت بسبب الدين تسوغ لنا أن نكون ملحدين، فإن الحروب التي قامت بسبب المال ستسوغ لنا أن ننام في الشارع و نترك العمل و الكسب المادي.

Thursday 22 May 2008

و حقـقها المــان

و فاز مانشستر يونايتد بدوري أبطال أوروبا، البطولة ذات المستوى الأرفع، حيث كان النهائي انجليزياً خالصا ضد تشلسي الذي أبلى بلاء حسناً، يقول محلل قناة إس بي إس الرياضية أن هذا النهائي كان الأفضل و الأجمل منذ خمسة سنوات، فالفريقين كانا قويين و كل منهما يمنع الآخر من تسجيل الأهداف على مرماه، بالإضافة لقوتهما الهجومية، لذا لم تكن غير الضربات الترجيحية حكماً بينهما، فهما مستعدان للعب الى الأبد.

و فعلاً كانت المباراة مثيرة حتى آخر دقائقها، و التي شهدت ’هوشة’ و طرد دروغبا، لكن الأمطار الشديدة في موسكو أخذت مأخذها من اللاعبين، ففي المطر يقل التركيز و تكون انزلاقات اللاعبين و الكرة في أرجلهم واردة دائماً، و لعل إضاعة الركلة الترجيحية من تيري كانت بسبب المطر ليس إلا.


كريستيانو رونالدو أثبت نفسه نجماً في الكرة، و حركاته في الملعب دائماً خطيرة بالإضافة لإجادته لضربات الرأس، لقد فرض رونالدو نفسه لاعباً في صفوف الكبار، على الرغم من محاولاته الدائمة ليكون مميزا و مختلفا عن باقي اللاعبين، و هذا ما انعكس في تسديده للترجيحية و إضاعتها، لكن على كل حال فإن فوز مانشستر سيعزز من قوته مستقبلا، فهو حافل بالعناصر الشابة، وهو ناد ولود للاعبين المميزين، و كما قال المحلل فإنه سيغدو أكثر قوتا و إرعاباً في السنوات القادمة مع كل ما حصده من أموال و جوائز في هذا الموسم.

Wednesday 21 May 2008

عدنـان و الوطـن

شنو سالفة الوطن؟

في يوم الانتخابات وضعوا صورة سيد عدنان في الصفحة الأولى في الحسينية الجديدة وهو في مهرجان التأبين الذي أقامه للشيخ سعد العبدالله السالم الصباح، و اليوم في تاريخ 21 مايو وضعوه أيضاً في الصفحة الأولى وهو يتلقى قبلة على رأسه، مع العلم أنه لا يوجد ارتباط مباشر بين الصورة و موضوع الصفحة الأولى.

لعل ما تفعله الوطن تنفيذ للكلام الذي كتبه نائب رئيس تحريرها وليد الجاسم سابقاً من أن اثبات وطنية السيد عدنان عبدالصمد سيكون بتنظيم تأبين للشيخ سعد، و هذا ما حصل بالفعل، فلربما تعد هذه الصور اعتذاراً من جريدة الوطن، أو اعراباً منها عن وطنية السيد عدنان عبدالصمد.

يكفيني رجمٌ بالغيب، و يكفيني تحليلاً، لكن أين ذهبت مقاييس الوطنية؟

لا أشك بوطنية سيد عدنان و حبه للكويت، وهو حب الإنسان الطبيعي لأرضه و شعوره الوجداني بالانتماء، لكن مقاييس الوطنية لا تكون بالبهرجة، و كذلك جميع المدعيات، كالتدين مثلا، المتدين لا يكون متديناً بالكلام ولا حتى بالمنظر و الشكل، إنما بالأفعال.

أولم تنتبه الوطن الى مواقف هذا الشخص في المجالس السابقة؟ أولا تقيم أداءه و عمله فترة الغزو الصدامي الغاشم؟ الجميع يستطيع أن يدعي حبه للشيخ سعد، و الجميع يتغنى بوطنيته و أعماله، حتى مبارك البذالي! لكن من منهم يعمل و يدفع ثمن مواقفه الوطنية، و من منهم يصعد على أكتاف غيره و يجني ثمار مواقفهم، و لنا في قضية اسقاط القروض شاهدا حياً.

شعوبنا و بكل أسف تنتبه لصغائر الأمور، و تتأثر بالكلمات الرنانة و تترنم بألحان الخطابات العالية، و تطرب سريعاً للإيماءات، لكنها تتغافل عن التقييم الحقيقي لمن يعمل و من لا يعمل، و هم كمن يقيم بلال الحبشي بعدم نطقه للشين، بينما شين بلال كانت سينًا عند الله.

Tuesday 20 May 2008

حديث في النتائج



ها قد اختار الشعب الكويتي ممثليه في البرلمان، و البرلمان بطبيعة الحال انعكاس للرأي العام، سواء ظلمت الدوائر الخمس فئة أم لم تظلمها، أظهرت النتائج أن الشعب الكويتي لم يستوعب بعد طريقة الاختيار الإيديولوجي إن صح التعبير، بنظرة سريعة للنتائج يظهر بكل وضوح أن الناخب لا تهمه القوائم و الحركات السياسية بقدر اهتمامه بالأشخاص، و لا يزال المواطن الكويتي حبيس انتماءاته سواء كانت عنصرية أم مذهبية.

الكويت ليست بدعا عما حولها، الثقافة العربية المتجذرة فينا لا تزال تحكمنا، لا يزال العرب يختارون المتدينين ، شيعتهم و سنتهم، و حتى أسس الاختيار في الداخل الشيعي و السني تحدد بالأكثر تديناً، و لا يزال العرب يحتمون بانتماءاتهم خوفاً من الظلم الذي قد يقع عليهم من أنظمتهم، بدلاً من أن يلجؤوا الى الدولة المدنية و الديموقراطية و الحريات و تكافؤ الفرص، وهذه المفردات تتعارض بشكل أو بآخر مع اختيار النواب على أساس الانتماء و تتكرس و تفعل باختيار الشعب للإيديولوجيات و الأفكار و الوطنيين مع غض الطرف عن الانتماء.

دائماً نراهن على وعي الشارع، و نغفل الحقيقة المعاشة، وهي أننا شعوب العالم الثالث في مؤخرة العالم، لو كان الشارع واعياً بما فيه الكفاية لكنا في صف العالم المتحضر، لنترك النظرة التجريدية و لنر بوارق الأمل و الأسماء الوطنية التي وصلت للبرلمان، و لنر النتائج الإيجابية التي حققتها الحركات السياسية الواعية، و لنر الشعب الكويتي بأرقامه الواقعية، و لنر صعود أرقام المرشحة الكويتية، و لنستعد لانتخابات قادمة قريبة جدا.


هامش

أبي وين المحرر اللي قال ان قائمة أنور بوخمسين هي الأوفر حظوظاً؟ فجريدة النهار الآن متشائمة إلى أبعد الحدود
.مقالة د. ساجد العبدلي فيها وجهة نظري.

Friday 2 May 2008

الإعـلام الموجـه


تحدثت في موضوع سابق عن النفخ الإعلامي، حيث تقوم بعض المؤسسات الإعلامية بالنفخ في الشخصيات أو حتى الأحداث الفارغة حتى تكون منها كياناً ضخماً، فتقوم صحيفة النهار مثلا بادعاء أن قائمة أنور بوخمسين في الدائرة الأولى هي الأوفر حظاً من غير أي دليل، و ذلك على اعتبار أن بوخمسين يمتلك الصحيفة، أو تقوم جريدة الوطن مثلا بتضخيم بعض الأحداث التي تريد بها إشغال الرأي العام الكويتي و إلهاءه عن بعض الأمور التي تخصها.

على أي حال فإن لكل شخص حق الترشيح و حق الإعلان عن ترشيحه و إمكانياته الشخصية بالوسائل المتاحة، و لكل مؤسسة إعلامية ذائقتها الخاصة بالأشخاص و الأحداث، و لكل مصالحه التي تلبيها له الوسائل الإعلامية التي تقع تحت يديه، و من هنا جاء الإعلام الموجه.

أرى في حقيقة الأمر أن الإعلام المفرط في الحياد العام إعلام ممل، كما أن الإعلام الموجه يحمل رسالة يريد توصيلها بغض النظر عن فحوى هذه الرسالة، كون الإعلام لا يملك رسالة سيجعله مجرد أداة للتسلية أو لجني الأموال، أما إن كنا نصبو للمجتمع الحر الساعي نحو التكامل، المنفتح بالآراء و الزاخر بالتعايش فإننا حينئذ سنتقبل وجود الإعلام الموجه و ندعو له بالخير.

كل ذلك أراه مشروعاً لأي مؤسسة إعلامية، بشرط أن لا تتعدى شروط المهنية الإعلامية، فلا تنشر الأكاذيب أو تغير و تخلط الحقائق، كما يجب أن نرفض جرح المشاعر و التجريح غير المنطقي، و يعد النفخ الإعلامي الذي تحدثت عنه سابقا أحد صور الكذب و البهرجة الساذجة، و في هذا نعول على الرأي العام في تمييز الغث من السمين.

قد يكون جميع ما سبق ضربا من المثالية، حيث أن الواقع يقول بأن الوسائل الإعلامية تحتاج لرأس المال حتى تتمكن من الانتشار، و رأس المال الذي يمتلك الإعلام و لا يمتلك المهنية ولا الأخلاق لن تؤمَّن يديه على أي وسيلة إعلامية سواء كانت جريدة أو قناة، لذلك أضحت الوسائل الاعلامية المتاحة للجميع كالانترنت أرضاً خصبة للنشر، و لا يستبعد أن يصبح الانترنت هو الوسيلة الإعلامية الأكثر فعالية و الأقوى تأثيرا على المجتمعات، إن لم تكن كذلك بالفعل.

و لكي يكون الإعلام موجها بكل مهنية، فعلى جميع المؤسسات الإعلامية الى أن تكون حمالة لجميع الناس، أرضا مفتوحة تقبل ما يلقى إليها، و نرفض جميعاً أن يكون الاعلام موجها بمعنى أن يقوم أصحابه بنشر ما يحلو لهم، بل بمعنى أن يكون مفتوحاً لتطرح فيه جميع الآراء، فلا يكون الإعلام خبرياً إنما إعلام الرأي و الفكرة و الفكرة الأخرى، و لندع للأخبار قنواتها الأخرى.

Wednesday 30 April 2008

المرأة نصف المجتمع


المرأة و بكل اختصار إنسان، كما أن الرجل إنسان فالمرأة إنسان، اختلافهما في الخصائص البدنية و العاطفية لا يعني بالضرورة اختلافهما في الحقوق و الواجبات الإنسانية، فالجنسين في الإنسانية متساويان، ولا أرى أي داعٍ للدعاوي المباشرة و المطالبات المتكررة للوقوف عند أهمية المرأة و دورها و ما إلى ذلك.

يكفي ان المرأة نصف المجتمع، بل قد تزيد، فنحن عندما نتحدث عن حقوق و واجبات المرأة فإننا نتحدث عن حقوق و واجبات نصف المجتمع، و إن لم يؤمن أحدنا بحقوق و واجبات للمرأة أو لم ير لها أثرا فمن الذي يعمل و من الذي يملك حقوقا و واجبات إذن؟

تارة نتحدث عن أقليات أو اثنيات، و تارة يختلف الأمر فنتحدث عن مجتمع، و نفهم المجتمع على أنه وحدة متناسقة تتحرك حركة موحدة، فالمرأة في مجتمع ما لا تمثل تياراً محدداً، و لا تمثل فكرا مخصصاً، و عندما يتحدث أحدهم عن وجود مستقل للمرأة أتساءل و هل للرجل وجود مستقل؟ هل يجمع الرجال فكر أو تيار أو توجه معين؟ و يبدو هذا التساؤل ساذجاً لسببين، الأول لغرابته عن الواقع المعاش، و الثاني لتهميش المرأة في بعض المجتمعات، فيظهر و كأن الرجال هم أصحاب الرأي و هم المحركون للمجتمعات، لذلك يعتقد أنهم أكثر عرضة للاختلاف فيما بينهم من النساء.

أنا لا أنكر و لا أستهين بنضال المرأة من أجل استكمال حقوقها في التاريخ و المجتمعات، لكن ينبغي مراجعة الطرح النسائي لموضوع النضال، و الذي يجعل المرأة كياناً مستقلا و كأنه إنسان من نوع آخر، نعم تختلف أدوار المرأة عن الرجل في الكثير من الأمور، لكن الفصل الإنساني غير وارد أبداً و لذلك أرفض ’الكوتا’ التي تعطي للمرأة مقاعد محددة في المجالس، و هذا الرأي كان أحد أسباب هذا الموضوع، إذ يجب أن تكون الكفاءة وحدها هي معيار وصول الشخص الى مراكز القرار سواء كان رجلا أو امرأة.

Tuesday 22 April 2008

الاسـطوانة السنوية لدوري الأبطال


ما إن تبدأ مباريات الحسم في دوري أبطال أوروبا حتى أسمع أسطوانة يتم ترديدها سنويا، من هي أقوى دولة و أفضلها في كرة القدم في أوروبا. ثم تبدأ التحليلات و العد و الأرقام ستتطاير من هنا و هناك عن التاريخ و النتائج و النقاط و الى آخر تلك الاسطوانة، فمنهم من يقول اسبانيا و منهم من يقول انجلترا و منهم من يقول ايطاليا.

لكنني أجد أن جميع الفرق لا تلعب إلا لمصلحتها الخاصة، لا لمصلحة البلد الذي تنتمي إليه، خصوصا إذا كانت الفرق قد تمت خصخصتها و تمليكها لأي كان، ثم إن الكثير من الفرق الأوروبية تحتوي على مدرب اجنبي و نجوم أجانب لا ينتمون للبلد الذي جاء منه الفريق، ولا أعتقد انهم يفكرون في الرفع من شأن بلد الفريق بقد ما يريدون رفع شأن بلادهم.

و الكثير من المحللين يعقدون كرة القدم، و يجعلونها أكثر من مجرد رياضة فيها قدر محدود من التكتيك، فاللاعب الذي يركض أكثر و يسجل و يمرر و يسدد بشكل أفضل هو الذي سيساعد فريقه لنيل الفوز، و التبديلات الذكية و التوزيع السليم للاعبين هو التكتيك بعينه، و كثيرا ما تلعب نفسيات اللاعبين دورا هاما في تحديد نتائج البطولات.

الفريق الذي تتم مراعاة نفسية لاعبيه، و الذي يتم فيه المحافظة على مستوياتهم الفنية و البدنية، هو الأقدر على تحصيل افضل النتائج و المراكز في دوري الأبطال أو في غيره، و كل ذلك يتطلب إدارة جيدة و أموالاً كافية، و لا دخل في ذلك للبلد الذي جاء منه الفريق، إلا إذا وضعنا بعين الاعتبار أن بريطانيا ذات اقتصاد و إعلام قويين، مما يساعد على تحسين أداء الفرق و صقل المواهب الكروية، كما أن الجو العام في اسبانيا يساعد على تحسين نفسيات اللاعبين، و الدور الذي تلعبه الكرة في إيطاليا سيضيف الكثير للنوادي و الفرق الرياضية من اهتمام اعلامي و مالي.

المسألة أبسط بكثير من حصر الأرقام و النتائج و التواريخ، لا أرى أي دخل لليفربول بأداء مانشستر و لا برشلونة بتشلسي في دوري الأبطال، ولن يسمح تشلسي بأن يمر ليفربول من خلاله الى النهائي مرور الكرام لمجرد أنه فريق انجليزي من نفس الطينة، كل سيلعب لحسابه الخاص، لكن ما يثير الضحك و الاشمئزاز في نفس الوقت هو تعصب الجمهور العربي لا للفرق فقط، بل حتى لدولها، بينما لاعبو الفرق الأوروبية و دولها في واد آخر.

Monday 21 April 2008

نـفـخ النهــار الإعـلامي



يقولون بأن وقوف د حسن جوهر مع القائمة التي تضم سيد عدنان عبد الصمد و أحمد لاري و جابر بهبهاني سيكون انطلاقا من كونه في التكتل الشعبي، ثم يشككون بدخول جوهر الانتخابات منذ الأساس، و يربطون تشكيل هذه القائمة بطريقة ما بتشكيل قائمة أخرى من مرشحين جدد (فؤاد البغلي و جميل ميرزا و هاني سيد جابر)، ثم تأتي عملية التفخ و النفخ الإعلاميين، و التي تذكرنا بالنفخ التجميلي، فيقولون بأن أبرز القوائم هي التي تضم أنور بوخمسين الى جانب صالح عاشور و خليل الصالح، و يعدونها الأوفر حظاً.

أما ما يأتي بعد ذلك فيبدو أنه لزيادة حجم الخبر، ما يعنينا هو التهميش و النفخ الإعلاميين الذين مورسا في جريدة النهار، كل ذلك من أجل تكبير حجم مرشحها أنور بوخمسين، فبغض النظر عن التحليلات التي ساقها كاتبهم علي السلطان في هذا الخبر، فإن كانت القائمة التي تضم بوخمسين في الصدارة فبكل بساطة... لماذا؟ خصوصا أن هذه الجملة كانت عنوان الخبر.

فقد الخبر مصداقيته في سياسة النفخ الإعلامي التي مارستها النهار و تمارسها يومياً على صفحاتها الأولى، و قد كان أحد أسباب منع إعلانات المرشحين في الشوارع هو مبدأ تكافؤ فرص المواطنين المرشحين، فلا تطغى إعلانات أصحاب الأموال على الشارع و لا تؤثر في شعبية المرشح كما ينبغي أن يؤثر فيها الطرح الفعلي للمرشحين، لكن النهار أخلت بهذا الميزان.

أقول هذا استكمالاً لموضوع النفخ الإعلامي، ثم ليخبرونا لماذا قائمة بوخمسين و عاشور و الصالح هي الأوفر حظا لا القائمة التي فيها السيد عدنان عبدالصمد؟ و ذلك لنعرف موقعنا من الإعراب.


:الخبر
حسم مرشح الدائرة الاولى سيد جابر بهبهاني خياراته بانضمامه الى قائمة المرشحين عدنان عبدالصمد وأحمد لاري. وقام بتسجيل ترشيحه، وبهذا الحسم تكون القائمة التي شهدت تجاذباً قد حسمت واتضحت صورة التحالفات خصوصاً ان هناك من يؤكد ان النائب السابق د. حسن جوهر الذي لم يتضح موقفه حتى الآن يدعم هذه القائمة من منطلق تكتله الشعبي، على الرغم من ان وضع د. جوهر لم يتحدد بعد حيث تردد انه اعتزال الحياة السياسية ليتفرغ لحياته الاكاديمية، فيما ذكرت مصادر انه قد يغير رأيه في ربع الساعة الاخير في اطار تكتيك انتخابي يعتبره مشروعاً. ويأتي هذا التطور في الدائرة الاولى بعد ان أعلن في وقت سابق المرشحون جميل ميرزا وفؤاد البغلي وهاني سيد جابر عن ترشحهم في قائمة واحدة. في المقابل، تظل القائمة الرئيسة البارزة في صدارة القوائم وهي مؤلفة من النائب السابق صالح عاشور وأنور بوخمسين وخليل الصالح، والتي يتوقع المراقبون ان تكون حظوظها متقدمة عن الاخرى. الجدير بالذكر ان هناك مشاورات تتم على مستويات عليا في الدائرة تفيد بان هناك تنسيقاً بين القائمتين لضمان وصول العدد المطلوب من نواب الدائرة على قاعدة «النسبية» وهي القاعدة المفترض ان تنتج نواباً شيعة ولو كانوا من تيارات مختلفة يعبرون عن قواعدهم مع ان طروحاتهم مختلفة وايضاً نسبياً فهناك من يرى في الطرح الوطني قاعدة ومنطقاً، ومنهم من يرى ان العملية الانتخابية تقتضي اضافات الامر الواقع، خصوصاً ان التجارب السابقة لم تكن في مستوى الطموحات لغياب التنسيق ولكثرة مرشحي التفتيت، وعلى الرغم من ان البعض يتوقع عدم اكتمال التنسيق الا ان معلومات «النهار» تفيد ان الابواب لم توصد بعد. وان هناك استشعاراً بتقليص عدد مقاعد الشيعة في المجلس الامر الذي يتطلب تعاملاً جاداً مع الانتخابات الحالية حتى ولو كانت التحالفات غير استراتيجية ولاتنتج كتلة فئوية، وهو أمر متوقع بسبب تعدد مشارب النواب ومنطلقاتهم وأولوياتهم.

Saturday 19 April 2008

النفـخ الإعـلامي

أكثر ما يغيضني إعطاء الشيء أكثر مما يستحق، أو اضفاء روح القداسة و الإبهار على ما لا يحمل كل هذه العظمة، الواجهة الاعلامية قد تعبر عن محتوى فارغ، و يظهر هذا بكل وضوح في موسم الانتخابات، حيث تقوم زمرة كل مرشح بالنفخ فيه حتى يظهر أكبر حجما مما هو عليه، لكنه سيظل في النهاية مملوءً بالهواء، و في أقل امتحان و أضعف شوكة قد ’يفش’ و يعود صغيراً ضئيلاً بحقيقته.

هذا الأمر يتعدى الانتخابات و يتحقق في الكثير الكثير من جوانب حياتنا، حيث يكون تقييمنا للأشياء و الأشخاص تبعاً للواجهة الإعلامية و النظرة الأولى، الدقة و الفحص و التروي أساسيات للحصول على الحقيقة، و ما أجمل الحصول على الحقيقة، و للأسف فإن الشعوب العربية تتأثر كثيرا بأسلوب الخطاب المثير، و يثير حماسها الصراخ و الشعارات الرنانة، لذا كان الإعلام سلاحاً فعالاً لا يجابهه إلا إعلام مثله.

و في النهاية يبقى أصحاب الحقيقة و المنهج السليم في غنى عن الألاعيب الإعلامية و مفرقعات الإبهار التجاري، فإذا امتلكنا جريدة أو قناة و نحن على الحقيقة و المنطق الصحيح و حسن السيرة و السلوك فإننا لسنا في حاجة الى قلب الحقائق و التصغير في شأن الآخرين و تهميشهم، ولا إلى النفخ في سيرتنا و أفعالنا و أشخاصنا، عندها سيكون إعلامنا صادقاً ينقل الحقيقة للناس، إعلام تنويري، لهذا فإن قبيحي الأفعال هم الأجدر لأن يكونوا أصحاب التضليل الإعلامي و تهميش الآخرين و النفخ في ذواتهم، و ذلك إما للحصول على ما لا يمكنهم الحصول عليه لأنهم ليسوا في موقع يؤهلهم لذلك، أو للتغطية على مساوئهم.


خطر هذا الموضوع في بالي و أنا أمشي في السوق، إذ اعترضتني لافتة جميلة جدا معلقة بجانب أحد المحلات، كانت اللافتة توحي بأن المحل إنما هو مؤسسة علمية أو شركة عملاقة أو مكتبة أو متحف ضخم




!لكنه لم يتعد كونه محل برّد


Friday 18 April 2008

..و أخـيــرا



ترشح السيد عدنان عبدالصمد في الدائرة الأولى بشكل رسمي، الرجل الذي يأخذ عليه بعض الشيعة قلة اهتمامه بقضايا مذهبهم، و يأخذ عليه سراق المال العام وقوفه في صف المدافعين عن أموال الكويت، و هو بالإضافة الى ذلك طالما كان رئيساً للجنة الميزانيات و الحساب الختامي في مجلس الأمة، و هو الذي وقف ضد إسقاط القروض و مع وزيرة التربية نورية الصبيح، ضد علي الجراح و مع أحمد العبدالله.

رجل مفوه ذو منطق، صوته عال و يتكلم ببطء و وضوح، رفض الخنوع الكويتي للظالم صدام حسين قبل الغزو، أبّن عماد مغنية ظناً منه أن الحريات في الكويت أكبر مما هو متوفر، يعلم المخرج القانوني لقضية التأبين، و لربما خرج منها رابحاً، مواقفه الوطنية لا غبار عليها، وقوف جريدة الوطن ضده واضح الأسباب، و ما وقوف بعض الشيعة ضده إلا دليل على أنه رجل جلس على كرسي المجلس بعنوان النيابة عن الأمة الكويتية، نائب عن الوطن.

..الى الآن أتمنى وصوله للمجلس، و سأقف معه طالما هو هكذا، الى أن يستجد أمر ما

Thursday 17 April 2008

فلسـفـة الـثروة





تعتبر الحالة المعيشية أهم عنصر من عناصر التمييز في المجتمعات، و الطبقية من أجلى فتائل الأزمات، و ما نرى من نعمة وافرة، إلا و حولها حق مضيع، حتى في الدول الفقيرة نجد فئات في تلك الدول تملك ما لا يمتلكه أغنياء دول تعد أفضل حالا.

كثيراً ما يكون تقييم الناس للناس على أساس الطبقة الإقتصادية، بل يكون هذا المعنى في العادة جل التقييم بين الناس. تتوجه القلوب باتجاه رؤوس الأموال، و في بعض الدول يكون التمييز الطبقي وفقا للفئة الاجتماعية علاوة على الفئة المادية أو الإقتصادية. لكن تبقى الطبقية المادية مناط الإختلاف و التمييز.

السؤال هو هل وجود التمييز الطبقي بين فئات المجتمع يعد مشكلة؟

التمييز بحد ذاته أمر لا مهرب منه، و اعني بالتمييز فعلية الاختلاف الطبقي على أرض الواقع و بالارقام والحسابات، إذ أن من الناس من هو مجتهد مثابر يعمل و يتعب من أجل التحصيل، و هنالك ’التمبل’ الخامل الذي لا يجتهد في التحصيل و المثابرة، كذلك الوراثة المادية لها دور رئيسي في التحصيل، هذه اختلافات فعلية موجودة في الواقع النظري، لكن ظهور التمييز الطبقي في الواقع العملي اليومي هو الذي يعبئ الشحنات المتنافرة بين طبقات المجتمع، وهو في ذات الوقت يملأ الكثيرين بالدعة و الانقياد خلف أصحاب رؤوس الأموال، و هذا ما اقتضته الرأسمالية.

إذابة الفوارق المادية تساعد على بلورة الشخصية لدى أفراد المجتمع بغض النظر عن المستوى المادي، و قد ذهبت الاشتراكية الى تكريس قوة الطبقات الكادحة العاملة على أنها أساس الانتاج و التحصيل المادي، و قد كانت لذاك المذهب تصادمات شديدة مع المناهج الأخلاقية و الإنسانية، بالإضافة الى أن فكرة شيوع الثروة و توزيعها انما نتجت تحت وطأة الطبقية و نير الطغيان المادي، فكانت ثورة تستغل التنافر بين الطبقات الغنية و الفقيرة، و هي بتلك الحال ظلمت المجتهدين و قتلت روح التحصيل و الإبداع.

إن جوهر الإختلاف يكمن في المنهج الأخلاقي و الوجودي للناس، فإذا كان الناس خائفين على شيء ما يملكونه من الضياع و التلف، و يخشون فقدان الاعتبارات المادية، و كان ديدن وجودهم التحصيل المادي، في هكذا أسلوب للحياة يحق للناس بذل الجهد المضني و تفجير المشاعر من أجل الحفاظ على الممتلكات الخاصة، و من أجل الحصول على المنصب المادي أو الابقاء عليه، بيد أن المنهج الأخلاقي سيتعارض في النهاية مع الطرح الطبقي و إظهار الفوارق المادية بشكلها المبهر.

لذا كان الواجب على أصحاب المنهج الأخلاقي الذي يقدر قيمة الإنسانية على اعتبار أنها مصدر الكمال و السعادة أن لا يعطي للفوارق المادية أكثر من قيمتها، و أن لا يخرجها خارج حدودها، إن الثروات تنتقل و تنتقل مصادرها من يد إلى أخرى، و الموت شاهد حي بيننا على حقيقة أن العوارض المادية لا تمت لقيمة الإنسان بأي صلة، لكن ما يحصل هو أن النفس البشرية أضحت تواقة للثروة لا لذاتها، و لكن لما تحمله تلك الثروة من أذرع سلطوية، فلا يحب أحد الذهب أو ورقة الدينار أو الأرض لأنها ذهب و دينار و أرض، إنما لما فيها من كمالات اخترعها البشر و ربطها شعوريا أو لا شعوريا بالسلطة و التحكم و الراحة و الحصول على أكبر قدر من السعادة و طرد أكبر قدر من التعاسة و الحزن.

ذلك الانقياد للثروة و المادة لم يكن ليأخذ هذا الحجم من الإهتمام عند الناس لو أنهم أدركوا معنى الكمال الإنساني، بدليل عارضية الاعتبارات المادية ندرك أن الثروة لا تعبر عن الكمال الإنساني، و بتجاربنا الشخصية أدركنا أن الأموال ليست المصدر الفعلي للسعادة و البعد عن الأحزان و التعاسة، فالقيمة الإنسانية أكبر من العوارض، لذلك لا ينبغي أن تعطي الثروات لأصحابها أي قيمة إنسانية إضافية.

إن تمركز رؤوس الأموال و وجودها عند فئات تسخر العمال لتشغيلها يؤدي بشكل أو بآخر الى بناء الهرم الطبقي، لكن إظهار التميز في الطبقات العليا سيؤدي إلى أن ’يتبيغ في الفقير فقره’، فيتصور أن سبب السعادة توفر الأموال، و عندما يريد الناس المحافظة على سعادتهم التي تهبها لهم ثرواتهم و طبقاتهم الاقتصادية فإنهم سيسحقون كل من تسول له نفسه ان ينال حصة من تلك الثروة، لأنه بذلك سينال حصة من السعادة التي لا يتنازل عنها الإنسان حتى وهو بكامل إنسانيته، لأن نيل السعادة هي الهدف الأساسي. لكن عدم ربط السعادة بالأموال سيريح بال الناس من الاندفاع نحو الثروة و المادة، و لا يبقي للإنسان شيئاً بالإمكان فقدانه غير كمالاته الانسانية التي هي تحت سيطرة الجميع.




يحكى أن تماراً كان يبيع تمره في سوق الكوفة، و لتنوع أصناف التمر و جودته قام بتفريق التمر الى ثلاثة أصناف طبقا للجودة، و أراد بذلك أن يبيع كل صنف بسعر معين وفقاً لجودته، فالتمر ذو الجودة العالية يباع بسعر عال، أما التمر ذو الجودة المنخضة فيباع بسعر منخفض، حينها جاءه الإمام علي عليه السلام فقام بخلط التمر و أمره بأن يبيع تمره وفقاً لمعدل الأسعار الثلاثة، قائلا: لماذا تفرق بين عباد الله في غذائهم؟ لذلك كان يلبس الخشن و يأكل اليابس، تكريس فكرة وحدة الإستهلاك ستذيب التفاوت الطبقي حتى في ظل وجوده، وهي فكرة ذات قيمة عالية اقتصاديا و إنسانياً.

Sunday 13 April 2008

نحـن و الـقـهــوة



لم أكن أتوقع أن حب القهوة علامة مميزة في شخصيتي، الى أن قالها لي أحدهم، أشرب القهوة بشكل يومي، أحيانا اشرب كوبين من القهوة يوميا، أحدهما نهارا و الآخر مساء. شرب كوب من القهوة ينعش يومي و يرتب أوراقي، يحسسني أنني أملك يومي فأقضيه كيفما أشاء.

اختيار القهوة يوحي إلي نمط شخصية الإنسان، و أمزجة الناس قد تختلف باختلاف أيامهم، و أنا تختلف قهوتي على اختلاف مزاجي، و حالاتي، في بعض الأحيان لا أشرب القهوة، أو أشربها بأقل مقدار، و أظن الموكا هي المطلوبة في هذا الحال، في أحيان أخرى عندما يكون يومي سعيدا و مرتبا أشرب قهوة أقوى، اسبريسو، لكن في الأوقات العادية و أغلب أيام السنة يكون الاختيار المتوازن هو المرغوب، لعل اللاتيه أفضل اختيار.







اللاتيه يعد أفضل اختيار، و اكثرهم حكمة، إنه يمثل لي الشخصية المتوازنة، غير المشوبة بالمشاعر، قليل من الحليب و قليل من القهوة، الأفضل أن تكون القهوة مركزة و الحليب خفيفا. عندها ترتسم في سطح القهوة زخرفة جمالية تكمل روعة الإحساس الداخلي بجمال المنظر الخارجي.




و على الرغم من توافر مقاهي الستاربكس في جميع الأنحاء في العالم، إلا أنه يعد اختياري الأخير، فهو بالنسبة لي أسوء الاختيارات، أو هو الحل حيث لا أجد غيره، و لذلك أسباب.




ستاربكس قهوة عالمية، شعارها أحد مظاهر العولمة، يهيأ لي عند السفر، و للوهلة الأولى أن العرب أكثر البشر تأثرا بالعولمة، لانني أجد انجاذبهم شديدا لستاربكس و غيره من مشاهير القهوة، بما يعني لي أنهم منعدموا الثقافة، شعوب استهلاكية بحتة، حسنا، أنا لست ضد العولمة، بل معها، أتمنى أن تكون للعالم ثقافة واحدة و لغة واحدة و لباس واحد، فيتعامل الناس مع بعضهم على أساس إنسانيتهم، ولا يتعرضون للصدمات الثقافية و الفروقات في العادات و التقاليد، لكن ماهو دوري في إنشاء تلك الثقافة الموحدة؟

من حق أصحاب النفوذ و المال نشر ثقافتهم للآخرين، و استقطاب العالم إليهم، لكن من حقي الاختيار، يتوجب أن نختار ما يناسبنا، ليصنعوا ما يشاؤون، لكن لنختار نحن ما نشاء، و أطلق القاعدة هذه على جميع جوانب حياتنا، خصوصا الدينية و السياسية.

إن توجيه القيادات السياسية للقواعد و الجماهير أمر محبب، لأنه يجعل القرار السياسي مسؤولا لا ينبع من العواطف و المشاعر التي تقود الجماهير، أحياناً تكون القرارات السياسية غير المرغوبة عاطفيا للناس هي الحل لمشاكلنا، و العكس بالعكس، حيث تكون بعض المطالب الجماهيرية مبنية على العاطفة، فإذا اتخذت القيادات مواقفها بناء على مشاعر القواعد عندها ستفرز لنا مواقف كإسقاط القروض، مبنية على الأحاسيس و دغدغة الشعور.

إن الحالة المثالية هي أن تكون للطلائع الدينية و السياسية و الثقافية برامج عمل و أفكار محددة نابعة من العقل و الموقف السليم، بينما للجماهير حرية الاختيار و التفكير بما يتناسب مع الظروف الشخصية لكل فرد.

لهذا كان عدم اختياري لستاربكس، لأنني لا أريد أن أكون مسيرا بلاشعور، كما أن قهوتهم لا تستهويني أبدا، لأنهم لا يبذلون المجهود الذي تبذله المقاهي الأصغر حجما في جودة قهوتها، كوستا كوفي جيدة لكنها ليست بمستوى كولومبوس و التي تعد بالنسبة لي الأفضل في الكويت، خصوصا "الفريدريكوز"، قهوة كاريبو أفضل من ستاربكس و أسوء من كوستا، لكنهم جيدون في اختيار المكان.



المقهى المفضل بالنسبة لي هو "ميرلو"، إنها متكاملة بكل معنى الكلمة، للأسف لا تملك فروعا خارج استراليا، لكنها الأفضل حيث أنها تملك مصانع البن الخاصة بها "التوريفازيوني"، فهي تمثل المقهى المحلي الحريص على سمعته و المتخصص في فن القهوة. وهم دائما الأفضل في العروض و لهم تصاميمهم و ألوانهم الخاصة ، البنفسجي و الوردي و الازرق و لون الستيل، بالإضافة الى الخشب و القليل من اللون الأزرق.







القهوة الاسترالية الأخرى هي غلوريا جينز، وهي تتخذ سياسة التوسع، لكن لهذا السبب تبدو أقل اهتماما و حرصا على الجودة، فأصنفها بعد كولومبس. هكذا ينبغي أن يكون الإختيار لمذاهبنا السياسية و الدينية، من التجربة و الدراسة الشخصية و النظر عن قرب، لا أن تسيرنا القيادات وفق تشخيصاتها، ولا أن تسير الجماهير قياداتها وفق مشاعرها و أهوائها.
Website counter