Friday 25 May 2007

الكويتيون و ما حولهم


الكويت تعيش في وسط منطقة تعج بالصراعات، منطقة دائمة الحركة، و مثيرة للبلبلة على طول تاريخها. إنها منطقة في وسط العالم، تسبح فوق بحر من مصادر الطاقة الأساسية.

جيرانها العراق ، السعودية و ايران، و الكويت دولة وليدة مقارنة بهذه الدول، صغيرة الحجم و السكان بشكل كبير، تعداد السكان بشكل تقريبي للعراق 20 مليون، السعودية 27 مليون، و ايران 70 مليون، أما الكويت فنصيبها مليونين و نصف، الوافدون فيهم الأكثرية.

العراق دولة تعيش تحت وطئ الإرهاب و التدمير و القتل اليومي و فقدان الأمان، ايران تتعرض بشكل دوري لتهديدات عالمية، و السعودية فيها المنابع و الجذور الأساسية للتخلف و الإرهاب الفكري و الديني.

في ظل هذه الظروف اذا نعمنا بنوم هادئ فلنحمد الله تعالى كثيرا، فلا يُتصور للبعيدين أن تكون الكويت بهذا الاستقرار في هكذا أجواء محيطة.

اغلب الكويتيون قدموا من خارجها و استقروا فيها، و الأصح أن كل الكويتيين هكذا، منهم قديم الاستقرار و منهم من هو حديث الاستقرار، و منهم من بعده ما استقر فيها على قرار!

التوجهات الدينية في الشرق الأوسط كأكثر ما تكون، و الكل يجتهد و يتفقه في مجاله و من كل ناحية، و الجميع يدعي التدين و الايمان، و الأفكار تتناثر بين يدي أهل هذه المنطقة كتناثر غبارها.

لا يوجد مثال كامل للديموقراطية و المشاركة حول الكويت، جل ما حولها دول بوليسية، أو على الأقل غير ديموقراطية تحاول الحفاظ على ملكها قدر المستطاع و لأطول مدة ممكنة.

و فوق كل هذا زُرعت دولة تدعى اسرائيل في قلب هذه المنطقة، و مصائبها لا حصر لها، و لا يوجد أي بريق أمل لانفراج المشكلة و اقتلاع الزرع الهجين.

لنكن متشائمين، فالمنطقة غير مستقرة، لا من كل ما سبق، فكل ما سبق لم يكن خطرا على الكويتيين بشكل مباشر، فكلهم ينعمون بخيرات و نعم الله تعالى، ما يدعونا للتشاؤم انما هو الاستقطاب الطائفي الحاصل في المنطقة، و آثاره جلية و تامة الوضوح في الكويت.

الخطر يتهددنا عندما نتفرق و نحقد و نكره بعضنا البعض، عندما تحركنا الفتاوي و الاقلام و القنوات المشبوهة، عندما أختلف مع جاري و جاري يختلف مع زميلي في العمل و زميلي يختلف مع صاحبي في الديوانية، و جميعنا يتمنى زوال الآخر، حتى لو لم نسع شخصياً لذلك.

و السؤال لكل كويتي مغفل متأثر بهذا الاستقطاب، ألم تشعر بعد أن إثارة النعرات الطائفية لعبة؟
لا أؤمن بنظرية المؤامرة المبالغ فيها، لكن نجاح سياسة بعض الدول تقتضي إثارة النعرات و التفرقة في غيرها، و هذه النعرات مثارة بشكل منظم و واضح و في وقت واحد، و جميعها من مصادر غير أمينة على ما تملك من معلومات, و شخصياً لا أرضى أن يحركني شخص آخر كدمية متى ما شاء، و ان يضعني على الرف متى ما لم يشأ.

Thursday 10 May 2007

ثقافة الحرية


كون الحرية مفقودة عندنا يشكل اهمية فريدة لها، ففقدانها في كثير من الأحيان اصبح هاجساً يخيف كل من تسول له نفسه بأن يخرج ما في قلبه من حقائق يريد البوح بها، فضلا عن بعض الشجون و الهموم المخلوطة بقليل من الفرح (الغير مشروع) في البلاد.

ما نعنيه بالحرية هنا لا يتعلق بالتشريعات التي تصدرها الدول فيما يخص هذا المجال من حرية التعبير و التمثيل الديموقراطي و اصدار الصحف و المجلات و الى آخره من تشريعات نفتقد جوهرها ان لم نفقدها هي ذاتها، إنما الحرية المفقودة عندنا اشمل من ان تكون تشريع، انها ثقافة، و ليصح تسميتها بثقافة العصر، عصر انفجار المعلومات بغير حواجز أو حدود، انها جوهر الحرية التي لا تعني فقط ان تقول ما تريد، مع اعتباره جزءا اساسيا في مصطلحنا، لكن الأهم هو تبادل الفكرة من غير الغاء للآخر.

مشكلتنا هي أن الجميع يريد أن يقول، لكنهم جميعا لا يريدون أن يسمعون، و هنا مشكلة الثقافة، و من هنا تنبع ثقافة الجور و الاضطهاد و قمع الحريات، عندها نغضب لأن هناك من يقمعنا فنثور لتكون لدينا حرية الرأي خالصة، لكننا لن نرضى بأن ينتقدنا شخص، أو ينقد رموزنا، أو يناقش جدية مقدساتنا، أو حتى تاريخنا.

عندما يريد أحدنا أن تتوفر له الحرية يجب أن يحب للآخرين توفر الحرية لهم، فإذا أنا تكلمت و قلت ما أريد بغير قيد أو شرط، لكني أخنق صوت الطرف الآخر فإنني قضيت أولا على روح النقاش الضرورية للوصول الى نتيجة، ثانيا أصبحت أنا من يقمع الحريات، و إن لم أكن أنا فستكون أنت، و إن لم تكن أنت فستكون الحكومة و إن لم تكن الحكومة فستكون أمريكا أو الصين أو جنوب أفريقيا!

في نهاية هذه الثقافة لا بد من وجود طرف مخنوق الصوت (إن كانت عنده أحبال صوتية بالأساس)، فوجود هذه الرغبة في عدم السماح للطرف الآخر بقول ما عنده سينتج قمعا للحرية في مكان من هذا العالم، فالبشرية تعيش في هذا الكوكب تتعامل مع بعضها، و هناك الأخذ و الرد بينها، فلو امتنع أحدهم نتجت القيود التي نبحث الخلاص منها، اليوم دورنا لتحمل هذه القيود، فهل لو أمسكنا زمام الحكم في العالم و صرنا في مقام أمريكا يوماً ما .. هل سنسمح لغيرنا بالحديث؟

Wednesday 9 May 2007

درء الفساد عن طريق المعاد

بنظرة تجريدية الى حالة التخلف و الانحدار التي نعيش فيها، و بتمعن و تعمق و الذهاب للبعيد، أجد أن السبب الأساسي للتخلف هو عدم الإيمان بالمعاد و الآخرة، إذا اعتبرنا الفساد الاداري كأحد صور التخلف في بلادنا، كون التوغل في البيروقراطية و التمادي في القفز فوق القوانين و مشاركة باقي الناس في ذلك يؤدي بشكل أو بآخر الى انتشار حالة الفساد و بالتالي التخلف عن ركب الأمم المتحضرة و الغربية بالذات مع الأخذ بعين الاعتبار خصوصية كل مجتمع و اختلاف الاعتقادات و التقاليد الموروثة من بلد الى اخر، أخص بالذكر هنا الكويت كوني معني بها لا بغيرها، أجد أن المحسوبية و المحاباة أساسان جل الاعتماد عليهما في سير العمل

إن النظرة الضيقة الى الحياة و اعتبارها غير منتهية، و تضييق اهداف الانسان الى مجرد الحصول على ثروة او منصب او حتى سعادة، أدى الى القفز فوق الحواجز و تعدي الخطوط الحمراء لاستنقاذ ما يمكن انقاذه من اهداف الثروة و المنصب و السعادة مثلا

أما جعل الايمان بالاخرة و الحساب و الكتاب و الميزان حاضرا عمليا في سلوك الانسان لا بسوغ له في اي حال من الاحوال التعدي على اي حد من الحدود الانسانية، و يجعل الالتزام بالقانون جزء رئيسي في شخصيته. فلا يتعدى ولا يكذب ولا يتآمر و لا يحابي و يظلم لأن في ذلك اضرار بنفسه اولا و اخيرا

حتى اخر ما تنتجه الحضارة الغربية الرائعة لا تستطيع السيطرة على نزعة الفساد ما دام الوازع الشخصي غير مضمون في شخصية الانسان، لكمنا الحاصل هو ان الانسان الغربي اكثر ايماناً بالانسانية و حب الوطن، و هتان ركيزتان لنبذ الفساد
لكن ترنو الى بالنا مسألة هنا، و هي ان المؤمن بالآخرة و المعاد و صاحب الوازع الشخصي بأي قانون يمكننا ان نلزمه او يلتزم به عملياً؟ سنؤجل هذا الى موضوع لاحق ...

لنعرف قيمة الإنسانية

تتميز قضية (الإنسانية) أنها من أهم المنطلقات التي تسير عليها القوانين في الحياة، السماوية منها أو الوضعية، فيكمننا جمع الأفكار الرئيسية لكل فكرة أو حركة خيرة مثل الحرية، المساواة ، الأخلاق الحسنة، العزة و العلم تحت إطار الإنسانية و مراعاتها، فالعاقل يقدر ما للإنسان من قيمة رفيعة، و مشاعر عميقة تتأثر بموقفها و علاقاتها بما حولها.

فالذي نعنيه بالإنسانية هي تلك القيمة التي من خلالها أضحى الإنسان أهم المخلوقات، فهو المخير ذو الإرادة في هذه الدنيا، المحاسب في الآخرة على اختياره، و الذي أعطي العقل فزان به نفسه.

و قد أعطى الاسلام هذه القيمة للإنسان لكونه انسان و نبه عليها إذ قال: (و لقد كرمنا بني آدم)، و مظاهر هذا التكريم متجلية بكل وضوح.
فالانسان عاقل يحكم على الامور بكل حرية و إرادة، فيدرك أن لابد لهذه الحياة من نهاية و انتقال الى حياة أخرى يجازى فيها على اختياره الحسن أحسن الجزاء، و يعاقب على اختياره السيء، حيث طالما شاهدنا من حولنا من يختار الاختيار السيء فيعتدي و يظلم لكنه يعيش حياته كريما مرفها بغير عقاب على ظلمه و جوره، و عكس الحال بالنسبة لصاحب الاختيار الحسن.

و لابد لهذه الحياة الأخرى ممن يطبق هذه العدالة بقوة و قدرة لا مجال لمنازعتها الحكم، وهو الله سبحانه و تعالى.

كل هذا يمر على الانسان وهو لا يدرك تلك القيمة المعطاة له، بل حتى الدين إنما هو ترغيب الانسان لحسن الاختيار و لا إكراه في أمره، و هنا لابد من ملاحظة فرق جوهري بين صاحب الاختيار الحسن و الاختيار السيء، فصاحب الاختيار الحسن يصبح ناضج الانسانية بتكامله و تناسقه بين العقل و الموقف العملي، على عكس صاحب الاختيار السيء الذي قدم رغبات بدنه و هواه -كالحيوان الذي يمشي على أربع-، قدمها على حكم عقله الذي به نال الحرية في الاختير، فاصبح فاقدا لانسانيته، منميا للجانب الحيواني من نفسه.

كل هذه الحرية و كل هذا الاحترام لعقل الانسان لابد أن يقدر، و يعطى أهميته المطلوبة، فإن انشغال أحدنا بالتوافه الحيوانية ينسيه السؤال الأهم وهو : لم أنا هنا في هذه الحياة؟ إذ يجب علينا جميعا أن نطرح على أنفسنا هذا السؤال، فمن غير المعقول أن نوجد لأجل أن نموت و ننتهي، إنما لنتكامل و ننمو بإنسانيتنا الى أعلى المراتب.

لماذا ابن سينا؟

بسم الله الرحمن الرحيم


نعم، لماذا ابن سينا؟

في الحقيقة إن ابن سينا رمز للمثابرة و الجد و الاجتهاد، و سهر الليالي لنيل المطالب العالية، و المعارف السامية...

لذا، فقد ألمّ في الطب و النحو و الفلسفة و علم النفس و المنطق، و كذلك في الرياضيات و الكيمياء و الهندسة و الطبيعيات و الإلهيات..

أما ديانته و مذهبه و سيرته و حركاته و سكناته، فلا علاقة لهذه المدونة بها..

إنما علاقتها هي بالرمزية التي يهبها لها العلم و المنطق..


و من الطرافة إلفات النظر الى ان لابن سينا لقب شهير جداً وهو (الشيخ الرئيس)...



Website counter