Wednesday 28 May 2008

الطفـل عندما يغـضـب




هدّي يبه هدّي
..
لا تظنوا بأن الصوت العالي يعني أن صاحبه على صواب، ولا يعني أسلوب الخطابة أن المتحدث واثق مما يقول، في كثير من الأحيان يلجأ المتحدث الى الاساليب الجذابة أو الصاخبة لدعم وجهة نظره الركيكة.

عندما ندقق النظر سنجد أن المتحدث مجرد طفل ذي عقل محدود و تفكير بسيط، لكنني قلت و أقول مراراً أن صاحب الحق و المنطق الواثق من صحة موقفه لا يعول على صخب الأسلوب كثيراً، و هذا لا يعني عدم تأثير الأسلوب الخطابي على الناس، و كيف أن الأساليب القوية قد صنعت المعاجز و الأهوال في التاريخ.

سابقاً حينما كان الهدوء هو الغالب، كان الصارخ يجذب الأذهان إليه، لأنه يحدث تغييرا في الحالة الاعتيادية، لكن في الكثير من مجالسنا اليوم أجد أن الهادئ في الطرح يجذب انتباهي أكثر، لأنه هو من أصبح يحدث التغيير في الحالة الاعتيادية الصاخبة.

لا تعني لي الرتوش و الهوامش و البهارات الزائدة شيئا، و لا ينبغي أن يكون لها كل ذلك التأثير النفسي، يجب علينا أن نعتاد على حدة النظر الى الامور و قياس الصحيح منها بمنطقية الطرح لا بأسلوبه. لكن المجتمع العربي بالذات ميال الى الاساليب النفسية للخطابة و الكتابة، و تعد فنوناً بحد ذاتها، لكنها لا تغني عن الحق شيئا، بل أضحى بعضهم يستدر الدمعة و يسكبها أملا بإحداث حالة الانبهار لدى المستمعين.

القرآن الكريم معجزة الرسول (ص)، لكنه معجز لا بأدبه و لغته، إنه معجز بما يحويه من قيم و مفاهيم كبيرة و عالية، أما الإعجاز اللغوي فلا يفهم عقلياً، نعم يفهم الاعجاز اللغوي عقلائيا و عادة، لكن العقل يقبل أن تكون لغة القرآن الأدبية متاحة للناس، و هذا لا يعني أن ننفي بلاغة القرآن التي فاقت البشر، و من لهم حس باللغة العربية و بلاغتها يشعرون بذلك، لكن إعجازه الحقيقي كان بالقيم و المنطق، مدعومة بجمال اللغة.

هكذا ينبغي أن نكون، أولاً أن نكون أصحاب حق، ثانيأً أن نكون واثقين مما نعتقد به، و أخيراً أن نقوي اعتقاداتنا بقوة الأسلوب.

Friday 23 May 2008

الديـن عندما يقـتــل



قرأت كتاباً يدعي بأن الدين ليس أفيوناً للشعوب فحسب، إنما هو محفز فوق العادة للحروب، و ذكر لذلك شواهد متينة، ففي زماننا الحاضر على اقل التقادير، حيث نعلم مالذي يجري من حولنا و نراه مرآى العين، نجد أن أغلب الحروب إنما قامت على أساس ديني، أو بسبب الإحتكاك الديني عند نقاط التماس الجغرافي.

مثال على ذلك الحرب التي دارت في التسعينات في يوغوسلافيا، عندما تم تحرير كوسوفو من مذابح الصرب، إذ أن الكاتب عايش تلك الأحداث عن قرب، و تلمس الطابع الديني للحرب، فكوسوفو ذات أغلبية مسلمة، و كذلك الحرب التي دارت في البوسنة قبلها، و الشيشان مع روسيا، حيث نقاط تماس الاسلام مع المسيحية.

و القتل الذي كان دائراً و مازالت تبعاته مستمرة في العراق، أساسه ديني مذهبي، فالعراق نقطة تماس جغرافية بين التشيع و التسنن الإسلاميين، و لبنان تلتقي فيها الديانات الثلاث، المسيحية و اليهودية و الإسلام، و مازال اللبنانيون في حالة قلق، فالحرب هناك تنشب بين ليلة و ضحاها.

كذلك الحرب الأمريكية في افغانستان، فسببها أحداث الحادي عشر من سبتمبر، و التي ما كانت لتحدث لولا الدين، إذن فالدين هو السيف الذي تقاتل فيه البشرية و تسفك فيه دمها.

إن وجهة النظر تلك صحيحة الى حد ما، لكن الواقع يدفع بوجود سبب آخر للقتل، وهو المال، كثيرا ما تعني الزيادة في الرقعة الجغرافية للدولة زيادة في الموارد الطبيعية، و بالتالي زيادة في الأموال، و كثيراً ما تفسر الصراعات في الشرق الأوسط الى وجود منابع النفط فيها.

لكن إذا أخذنا بوجهة النظر الأولى، وهي أن الدين هو سبب الحروب، فإن تفسيراً يتبادر الى الذهن عند النظر في أسباب العنف البشري، تفسير العنف هو في حقيقته الضعف، أو الشعور بالخوف من الضعف و الحاجة، عندما يشعر أحدهم بأن دينه في خطر، فإنه يبادر الى درء ذلك الخطر بالطرق الدموية، لكن المؤمن بالأحقية العقلية لدينه لا يبادر للقتل، حتى و إن استنفد الطرق السلمية و المنطقية.

بعض تلك الطرق مشروعة بحكم بعض الأديان، لكنها لن تبرر بأي حال من الأحوال إن كانت بادئة بالقتل و سفك الدماء، لذا فالأديان ليست متساوية، نعم البشر متساوون من حيث أنهم جميعاً يمتلكون الحق للبحث عن الدين الصحيح، لكن ينبغي البحث عن الدين الذي يرفع من شأن الإنسان لا الذي يقهر الإنسان و يقتله، اليهود مثلا لا يؤمنون بانتشار الدين، فهم يعتقدون أنهم سلالة اختارهم الله، لذلك فهم لا يقومون بالدعوة لدينهم، و لذلك لا يتورعون عن قتل غيرهم، إذن فالإنسانية عندهم محصورة بفئة محددة، بينما الوضع بالنسبة للمسيحية و الإسلام يختلف تماما.

إن التصرف الأهوج لبعض المتدينين لا يعطينا الحق أن نتخذ موقفاً من جميع الأديان و المذاهب، فهي تختلف و يختلف أتباعها، و إن كانت بعض الحروب التي قامت بسبب الدين تسوغ لنا أن نكون ملحدين، فإن الحروب التي قامت بسبب المال ستسوغ لنا أن ننام في الشارع و نترك العمل و الكسب المادي.

Thursday 22 May 2008

و حقـقها المــان

و فاز مانشستر يونايتد بدوري أبطال أوروبا، البطولة ذات المستوى الأرفع، حيث كان النهائي انجليزياً خالصا ضد تشلسي الذي أبلى بلاء حسناً، يقول محلل قناة إس بي إس الرياضية أن هذا النهائي كان الأفضل و الأجمل منذ خمسة سنوات، فالفريقين كانا قويين و كل منهما يمنع الآخر من تسجيل الأهداف على مرماه، بالإضافة لقوتهما الهجومية، لذا لم تكن غير الضربات الترجيحية حكماً بينهما، فهما مستعدان للعب الى الأبد.

و فعلاً كانت المباراة مثيرة حتى آخر دقائقها، و التي شهدت ’هوشة’ و طرد دروغبا، لكن الأمطار الشديدة في موسكو أخذت مأخذها من اللاعبين، ففي المطر يقل التركيز و تكون انزلاقات اللاعبين و الكرة في أرجلهم واردة دائماً، و لعل إضاعة الركلة الترجيحية من تيري كانت بسبب المطر ليس إلا.


كريستيانو رونالدو أثبت نفسه نجماً في الكرة، و حركاته في الملعب دائماً خطيرة بالإضافة لإجادته لضربات الرأس، لقد فرض رونالدو نفسه لاعباً في صفوف الكبار، على الرغم من محاولاته الدائمة ليكون مميزا و مختلفا عن باقي اللاعبين، و هذا ما انعكس في تسديده للترجيحية و إضاعتها، لكن على كل حال فإن فوز مانشستر سيعزز من قوته مستقبلا، فهو حافل بالعناصر الشابة، وهو ناد ولود للاعبين المميزين، و كما قال المحلل فإنه سيغدو أكثر قوتا و إرعاباً في السنوات القادمة مع كل ما حصده من أموال و جوائز في هذا الموسم.

Wednesday 21 May 2008

عدنـان و الوطـن

شنو سالفة الوطن؟

في يوم الانتخابات وضعوا صورة سيد عدنان في الصفحة الأولى في الحسينية الجديدة وهو في مهرجان التأبين الذي أقامه للشيخ سعد العبدالله السالم الصباح، و اليوم في تاريخ 21 مايو وضعوه أيضاً في الصفحة الأولى وهو يتلقى قبلة على رأسه، مع العلم أنه لا يوجد ارتباط مباشر بين الصورة و موضوع الصفحة الأولى.

لعل ما تفعله الوطن تنفيذ للكلام الذي كتبه نائب رئيس تحريرها وليد الجاسم سابقاً من أن اثبات وطنية السيد عدنان عبدالصمد سيكون بتنظيم تأبين للشيخ سعد، و هذا ما حصل بالفعل، فلربما تعد هذه الصور اعتذاراً من جريدة الوطن، أو اعراباً منها عن وطنية السيد عدنان عبدالصمد.

يكفيني رجمٌ بالغيب، و يكفيني تحليلاً، لكن أين ذهبت مقاييس الوطنية؟

لا أشك بوطنية سيد عدنان و حبه للكويت، وهو حب الإنسان الطبيعي لأرضه و شعوره الوجداني بالانتماء، لكن مقاييس الوطنية لا تكون بالبهرجة، و كذلك جميع المدعيات، كالتدين مثلا، المتدين لا يكون متديناً بالكلام ولا حتى بالمنظر و الشكل، إنما بالأفعال.

أولم تنتبه الوطن الى مواقف هذا الشخص في المجالس السابقة؟ أولا تقيم أداءه و عمله فترة الغزو الصدامي الغاشم؟ الجميع يستطيع أن يدعي حبه للشيخ سعد، و الجميع يتغنى بوطنيته و أعماله، حتى مبارك البذالي! لكن من منهم يعمل و يدفع ثمن مواقفه الوطنية، و من منهم يصعد على أكتاف غيره و يجني ثمار مواقفهم، و لنا في قضية اسقاط القروض شاهدا حياً.

شعوبنا و بكل أسف تنتبه لصغائر الأمور، و تتأثر بالكلمات الرنانة و تترنم بألحان الخطابات العالية، و تطرب سريعاً للإيماءات، لكنها تتغافل عن التقييم الحقيقي لمن يعمل و من لا يعمل، و هم كمن يقيم بلال الحبشي بعدم نطقه للشين، بينما شين بلال كانت سينًا عند الله.

Tuesday 20 May 2008

حديث في النتائج



ها قد اختار الشعب الكويتي ممثليه في البرلمان، و البرلمان بطبيعة الحال انعكاس للرأي العام، سواء ظلمت الدوائر الخمس فئة أم لم تظلمها، أظهرت النتائج أن الشعب الكويتي لم يستوعب بعد طريقة الاختيار الإيديولوجي إن صح التعبير، بنظرة سريعة للنتائج يظهر بكل وضوح أن الناخب لا تهمه القوائم و الحركات السياسية بقدر اهتمامه بالأشخاص، و لا يزال المواطن الكويتي حبيس انتماءاته سواء كانت عنصرية أم مذهبية.

الكويت ليست بدعا عما حولها، الثقافة العربية المتجذرة فينا لا تزال تحكمنا، لا يزال العرب يختارون المتدينين ، شيعتهم و سنتهم، و حتى أسس الاختيار في الداخل الشيعي و السني تحدد بالأكثر تديناً، و لا يزال العرب يحتمون بانتماءاتهم خوفاً من الظلم الذي قد يقع عليهم من أنظمتهم، بدلاً من أن يلجؤوا الى الدولة المدنية و الديموقراطية و الحريات و تكافؤ الفرص، وهذه المفردات تتعارض بشكل أو بآخر مع اختيار النواب على أساس الانتماء و تتكرس و تفعل باختيار الشعب للإيديولوجيات و الأفكار و الوطنيين مع غض الطرف عن الانتماء.

دائماً نراهن على وعي الشارع، و نغفل الحقيقة المعاشة، وهي أننا شعوب العالم الثالث في مؤخرة العالم، لو كان الشارع واعياً بما فيه الكفاية لكنا في صف العالم المتحضر، لنترك النظرة التجريدية و لنر بوارق الأمل و الأسماء الوطنية التي وصلت للبرلمان، و لنر النتائج الإيجابية التي حققتها الحركات السياسية الواعية، و لنر الشعب الكويتي بأرقامه الواقعية، و لنر صعود أرقام المرشحة الكويتية، و لنستعد لانتخابات قادمة قريبة جدا.


هامش

أبي وين المحرر اللي قال ان قائمة أنور بوخمسين هي الأوفر حظوظاً؟ فجريدة النهار الآن متشائمة إلى أبعد الحدود
.مقالة د. ساجد العبدلي فيها وجهة نظري.

Friday 2 May 2008

الإعـلام الموجـه


تحدثت في موضوع سابق عن النفخ الإعلامي، حيث تقوم بعض المؤسسات الإعلامية بالنفخ في الشخصيات أو حتى الأحداث الفارغة حتى تكون منها كياناً ضخماً، فتقوم صحيفة النهار مثلا بادعاء أن قائمة أنور بوخمسين في الدائرة الأولى هي الأوفر حظاً من غير أي دليل، و ذلك على اعتبار أن بوخمسين يمتلك الصحيفة، أو تقوم جريدة الوطن مثلا بتضخيم بعض الأحداث التي تريد بها إشغال الرأي العام الكويتي و إلهاءه عن بعض الأمور التي تخصها.

على أي حال فإن لكل شخص حق الترشيح و حق الإعلان عن ترشيحه و إمكانياته الشخصية بالوسائل المتاحة، و لكل مؤسسة إعلامية ذائقتها الخاصة بالأشخاص و الأحداث، و لكل مصالحه التي تلبيها له الوسائل الإعلامية التي تقع تحت يديه، و من هنا جاء الإعلام الموجه.

أرى في حقيقة الأمر أن الإعلام المفرط في الحياد العام إعلام ممل، كما أن الإعلام الموجه يحمل رسالة يريد توصيلها بغض النظر عن فحوى هذه الرسالة، كون الإعلام لا يملك رسالة سيجعله مجرد أداة للتسلية أو لجني الأموال، أما إن كنا نصبو للمجتمع الحر الساعي نحو التكامل، المنفتح بالآراء و الزاخر بالتعايش فإننا حينئذ سنتقبل وجود الإعلام الموجه و ندعو له بالخير.

كل ذلك أراه مشروعاً لأي مؤسسة إعلامية، بشرط أن لا تتعدى شروط المهنية الإعلامية، فلا تنشر الأكاذيب أو تغير و تخلط الحقائق، كما يجب أن نرفض جرح المشاعر و التجريح غير المنطقي، و يعد النفخ الإعلامي الذي تحدثت عنه سابقا أحد صور الكذب و البهرجة الساذجة، و في هذا نعول على الرأي العام في تمييز الغث من السمين.

قد يكون جميع ما سبق ضربا من المثالية، حيث أن الواقع يقول بأن الوسائل الإعلامية تحتاج لرأس المال حتى تتمكن من الانتشار، و رأس المال الذي يمتلك الإعلام و لا يمتلك المهنية ولا الأخلاق لن تؤمَّن يديه على أي وسيلة إعلامية سواء كانت جريدة أو قناة، لذلك أضحت الوسائل الاعلامية المتاحة للجميع كالانترنت أرضاً خصبة للنشر، و لا يستبعد أن يصبح الانترنت هو الوسيلة الإعلامية الأكثر فعالية و الأقوى تأثيرا على المجتمعات، إن لم تكن كذلك بالفعل.

و لكي يكون الإعلام موجها بكل مهنية، فعلى جميع المؤسسات الإعلامية الى أن تكون حمالة لجميع الناس، أرضا مفتوحة تقبل ما يلقى إليها، و نرفض جميعاً أن يكون الاعلام موجها بمعنى أن يقوم أصحابه بنشر ما يحلو لهم، بل بمعنى أن يكون مفتوحاً لتطرح فيه جميع الآراء، فلا يكون الإعلام خبرياً إنما إعلام الرأي و الفكرة و الفكرة الأخرى، و لندع للأخبار قنواتها الأخرى.

Website counter