Tuesday 28 October 2008

الجنة

Heaven


هل الجنة هي اشباع الغرائز و الحاجات، و طرد الخوف، و رحيل الأحزان؟
أما أنها تجسد لأعمال الدنيا في طبيعة مختلفة؟

هكذا يقولون، الآخرة تجسد الأعمال، فالجزاء من جنس العمل، و كل عمل له صورة دنيوية و صورة أخروية حقيقية.

هي تحقيق للعدالة، و أفضل و أكمل عدالة عندما تكون الأعمال و النيات متجسدة أمامنا، عندما تصبح الميزافيزيقيات مرئية تصير الأمور اكثر وضوحا و جلاء، فتكتمل العقول، ولا مكان للجهل حينها.

كمال العدل عندما نرى جميع الحوادث بأعيننا، عندما نرى تكون صور أخرى مناسبة للأفعال التي نتصورها في الدنيا كما يحلو لنا.

في الآخرة نرى العمل القبيح، و الكذب و الظلم و النية السيئة بأشكال و صور قبيحة، و بالمقابل نرى الجمال كما ينبغي، جمال التضحية التي تصور في الدنيا تخضب بالدم، سنراها في الآخرة بأبهى صورة، عندها سيحق لنا أن نقول عن منظر الحسين الغريب الخضيب السليب بأن"وجدتك في صورة لم أرع بأعظم منها ولا أروع".

عندها سنقول فعلا "ما رأيت إلا جميلا"!




Tuesday 21 October 2008

Monday 20 October 2008

جمال و القرضاوي


ردود أخرى جديدة على القرضاوي، و هذه المرة بقلم الكاتب الفذ الدكتور عبدالمحسن جمال، الذي أبدع بصياغة رده الرفيع. هذه المقالة كتبت في جريدة القبس بتاريخ 13 اكتوبر و كانت بعنوان "العولمة الدينية"، وفر لي فيها الكثير، خصوصا عند الحديث عن أكبر كنيسة في المنطقة و المزمع انشاؤها في قطر، هل يعلم عنها القرضاوي؟


المقالة


انتشار الفكر والافكار في العالم لم يعد حكرا على أحد، بل ان التكنولوجيا الحديثة فتحت الأبواب مشرّعة أمام كل صاحب فكر وعقيدة ومذهب، فالانترنت فتح أبوابه للجميع، وما عليك إلا أن تعبر عن رأيك وسيسمعك من يريد في هذا العالم الرحب الواسع، وكذلك فعلت الفضائيات التي بدأت تتسع وتتسع لدرجة انه بات الانسان يعجز عن ان يتابعها جميعا، وبالمستوى نفسه، ولكن بتكاليف أكثر لعبت الهواتف النقالة ومسجاتها دورا هي الاخرى في توعية الناس.من هنا فإن الفكر لم يعد أحد يستطيع ان يوقف انتقاله، وما محاولة البعض ايقاف الـ«يوتيوب» الا واحدة من هذا

من هنا فوجئ الناس بالعموم والمسلمون على وجه الخصوص بآراء الشيخ يوسف القرضاوي الذي يملك على الانترنت «اسلام أون لاين» وتستضيفه قناة الجزيرة بشكل متواصل، فوجئوا به وهو يهاجم انتشار الفكر الاسلامي الذي يتبنى مذهب أهل البيت عليهم السلام، واعتبر ذلك غزوا لبعض الدول التي تتبنى الفكر الاسلامي من خلال المذاهب الاربعة السنية.. لم يصدق الناس أنفسهم لأن الشيخ القرضاوي سمح لنفسه بالتعبير عن رأيه كيفما شاء من خلال الانترنت والفضائيات، ويريد الحجر على غيره، بل انه يريد منع اي مسلم من الأخذ بالمذهب الذي يريده.. والعجب هنا ان المذهبين الشيعي والسني هما في دائرة الاسلام الاكبر فماذا يضير اذا تحول مليون مسلم شيعي الى التسنن، أو تحول مليون مسلم سني الى المذهب الشيعي، أليسوا كلهم يتحركون ضمن دائرة الاسلام الواسعة؟

ولعل العولمة اليوم هي التي جعلت الكثير من دول الخليج تتجاوب مع إقامة وانتشار الكنائس فيها احتراما لأتباع الدين المسيحي الذين يعيشون بيننا، ففي دولة قطر على سبيل المثال يتم بناء أكبر كنيسة في المنطقة، وسيكون لها تأثير كبير على تفهم المسلمين للدين المسيحي، فهل يعتبر ذلك غزوا مسيحيا للمسلمين؟.. والناس اليوم بدأوا يتبادلون الافكار والحوارات والنقاشات من خلال وسائل التكنولوجيا الحديثة، وأصبحوا متعطشين لسماع الرأي الآخر أنى كان ومن أيٍ كان

ولعلنا في الكويت نعيش منذ القدم متحابين متعاونين سنة وشيعة ومسيحيين دون أن نتأذى بمن يتأثر بهذا الفكر أو ذاك الفكر، وقد تكون التجربة الكويتية في التعايش السلمي بين المذاهب والأديان، وخاصة مع وجود حوالي مليوني انسان مقيم ينتمون الى 120 دولة، ويتبعون كل الأديان، هي أفضل تجربة، ومع ان البعض من المقيمين تحولوا الى الدين الاسلامي من خلال جهود جمعيات ومنظمات محلية فإننا لم نسمع من احد من دولهم ان يعتبر ذلك غزوا.. لأن الفكر للجميع ومن حرية الانسان وحقوقه ان يأخذ الفكر الذي يريده. «إنا أنزلنا عليك الكتاب بالحق فمن اهتدى فلنفسه ومن ضل فإنما يضل عليها وما أنت عليهم بوكيل»


Saturday 18 October 2008

لوحتـان

رسمت هاتين اللوحتين في أحد مقاهي استراليا، باعتبار كونهما لوحتين هما لا يحتاجان الكثير من الحديث و الشرح، هما يتحدثان عن نفسيهما، طبعا أنا لست فناناً ولا أحب الرسم كثيرا، لكنني أحب أن أرى اللوحات و الرسمات على رغم كوني لا أحب أن أرسمها بنفسي عادة، اللوحة الأولى اسمها "خطوط المشاعر"، و الثانية اسمها " الشرق الأوسط"، لا أكذب ولا أبالغ حين أقول أن كل خط في هاتين اللوحتين له معنى خاص.



Feelings lines



Middle East

Thursday 2 October 2008

البحث عن الحب


حاجة الانسان الى الحب تبقى حالة معقدة يصعب تفسيرها، اختلاف حالات الحب و تفاوتها الكبير يجعلها عرضة للتشويش، إذ يصعب تفسير الكثير من الحالات و المظاهر التي تعتري الحب و المحبين، لكن ما لا غبار عليه هو أن الحب حاجة يتميز بها الانسان عن غيره، و الانسان بطبيعته محتاج على الإطلاق ممكن الوجود، فلا يضفي وجوده على دائرة الكون زاوية ولا يهبها الكثير من التغيير، لهذا كان التطور و التكامل الذاتي الهدف الأوحد للإنسان، و لذا يسعى الانسان المحتاج لملء فراغات احتياجه عن طريق الالتجاء الى الكمال و واهب الكمال.

فالحب مظهر من مظاهر الضعف الكثيرة في الانسان، ابداء هذا الحب يبدي ذلك الضعف في الكثير من الاحيان، و مسألة ابداء الضعف و ظهوره هذه تختلف عن مفهوم عزة النفس و ذلتها، فالضعف في هذا المجال هو احدى ماهيات الانسان التي لا مناص عنها، فهي وجه من الوجوه الخاصة بذات الانسان و لا تتأثر بالحوادث الخارجية، فظهور لضعف و الاحتياج في هذه الحالة يشبه طلب الطعام و الشراب الذين يمثلان سداً لحاجات مرتبطة بالذات البيولوجية للإنسان و لا دخل لمسألة العزة و المكانة الاجتماعية بالنسبة للطعام و الشراب و حاجات الجوع و العطش فهي مرتبطة ذاتياً بجسم الانسان، لكنها على أي حال تظهر الضعف و الحاجة في هذا الانسان، و تظهر مدى الحاجة الى سد النقائص و الوصول الى الكمالات.

مشكلة تفسير حاجة الحب عند الانسان هي الارتباط المباشر بينها و بين حاجات أخرى، و عادة تكون الاضطرابات و المشاكل النابعة من الحب نتيجة لاضطراب العلاقة بين تلك الحاجات، فكثيرا ما يرتبط الحب بالجنس، و من الفلاسفة و علماء النفس من جعل الحب نتيجة حتمية للحاجة الجنسية، و منهم من فسر الحب على انه السعي نحو الأمان، فالمحب يجد في محبوبه الطمأنينة و الأمان، و ذلك عن طريق الارتباط النفسي بين المحب و محبوبه بحيث تكون المشتركات كفيلة للعودة من التفكير بما تخبئه الحياة و ما في المستقبل من تحديات قد لا يرغب أحدنا بالتفكير فيها و قد لا يرغب ان يخوضها وحيداًً كما يمكن أن يتهيأ لنا، بينما وجود الطرف الآخر للحب يوفر لنا الاطمئنان من عدم ورود الوحدة في حياتنا، و التي تعد بحد ذاتها امراً مخيفاً ينفر الانسان منه بطبعه.

و من هنا قد يأتي التعبير القرآني عن الزواج بأنه سكن للزوجين، و تفسير هذا واضح عند التدبر بما يوفره السكن للإنسان من أمان و طمأنينة.

لذا فالحب بحد ذاته ليس أمراً أصيلاً، إنما هو مجموعة من الحاجات التي قد تجتمع في حالة إنسانية تؤدي إلى ذلك الشعور المتعارف بالانشداد و التدفق القلبي، و هكذا هو الارتباط بالرموز التاريخية أو بالشخصيات الوهمية و أبطال القصص الخيالية، فهؤلاء الأبطال يقومون بملء الفراغات الروحية لمحبيهم و يجعلون فيهم انشداداً معنوياً يوهم صاحبه بأنه يعيش حالة حب و عشق و وله، لكن الملاحظ أن التسمية تشابهت مع الحلات العملية للحب، فكلاهما يقال عنهما "حب"، لكن الواقع يختلف كثيراً عن الخيال و الحب العملي يختلف كثيراً عن الحب الخيالي، و حب الشريك يختلف عن حب الرمز، كلاهما سميا حباً، لكن باعتراف أصحابهما هما يختلفان.

ذلك الاختلاف يؤكد أن كلا الحالتين يشدان الانسان لملء فراغٍ معين فيه يختلف عن الآخر، فالحاجة الى الرمز تختلف عن الحاجة الى الشريك، كما يختلف حب الأرض عن حب الأشخاص على سبيل التشبيه و المثال، لكن ربما القصور في التعبير اللغوي أو القصور في الفهم النفسي و الفلسفي لهذه الحالات جمعتها كلمة الحب، بينما الحب واقعاً مجموعة حاجات انسانية تثير الخلط بين العقل و الشهوة في كثير من الأحيان فنشتبه بتسميتها حباً، فالحب ليس أمراً واقعاً أصيلاً، ولا هو قوة أو ملكة، بل هو تعبير لغوي خالص، هو حاجة و ضعف يبرزان ماهية الانسان و ذاته و حاجته للكمال و خالق الكمال و السكن و الأمان بالمعنى، و حاجته للجنس بالمادة، و تغطية هذه الحاجات و تلبيتها سيزيل التعبير عنها بالحب من على الألسن، و إذا ما ملئت تلك الحاجات عند أحدنا بأي طريقة من الطرق انتفت حالة الحب.
Website counter