Tuesday 8 July 2008

الدين الأسـير



التجديد أمر لابد منه، و إلا صارت الحياة رتيبة مملة، لا يفكر الكثير من الناس إلا بما يفكر به غيرهم، فنرى أننا في بعض الأحيان نخشى تحريك الأثاث بطريقة مختلفة، و نخشى التلويح بتغيير بعض المعتقدات الغابرة، و ذلك الخوف لا دليل له، إنه مجرد الخوف من المجهول.

المعتقدات الدينية التي تقبل الاختلاف بالرأي تقبل التغيير، الكثير مما يسمى بمعتقدات هي في حقيقة الأمر عادات و ليست معتقدات، لقد امتزج الدين بالكثير من العادات الاجتماعية مما انتج العديد من التسميات الجديدة للأديان تبعاً للمجتمعات التي ساهمت بالتغيير .

يجب أن ننتبه و نلتزم بالدين الحقيقي الذي نزل من السماء، و لا أرى ذلك إلا بالحركات التغييرية و التفكير خارج الحواجز التي اختلقها الناس، المشكلة أن الشعائر الاجتماعية التي يتوهم الناس أنها شعائر الله تخلق طقوساً يعتقد الناس أنها في صميم الدين الذي نزلت به الملائكة، لذلك يكون الناس أكثر لصوقاً بها.

و المشكلة الأكبر أن العديد من تلك الطقوس تفرَض على الأديان بالقوة، ممارستها بشكل مستقل قد لا يضر الدين، لكن ربطها بالدين و الإيحاء بأنها مشرعة من الله تعالى سيؤثر سلباً على الدين، لأن الأديان يجب أن تكون ذات هدف، و أي تشريع في الدين يتعارض مع السير نحو ذلك الهدف سيعني التناقض، و الأديان بحاجة لأن تكون مستساغة عقلياً.

الحركة التغييرية و التفكير بلا تحجر سيحرر الدين من العادات الدخيلة و الغريبة التي ارتبطت به. الأمر بحاجة للقليل من الشجاعة.

Thursday 3 July 2008

البوسنة المسلمة لا تحب المسلمين


قال لي مهندس من البوسنة أنهم يعانون من بطالة تصل الى 70 في المئة من القادرين على العمل، و البوسنة المسلمة ليست منقطعة عن العرب و المسلمين، إذ يصلها الكثيرون سواء من الخليج أو غيره، لكننا نعاني من جهل هؤلاء العرب الذين يزوروننا.

البوسنة بلد مسلم، عانى من الحرب التي درات رحاها كثيرا و عطلت الكثير من الثروات التي تزخر بها سراييفو، و الآن بعد أن وضعت الحرب أوزارها، بدأ البوسنيون يعيدون بناء بلادهم، و كل ما يحتاجونه هو رأس المال الذي يعيد تشغيل الثروات، لكن عجلة التنمية ساكنة لعدم وجود رأس المال.

في البوسنة الكثير من الموارد البشرية، لكن ما ينقصهم هو تشغيل هذه الموارد، و وفقاً للمهندس البوسني، فإن الناس هناك لا يمانعون أن يعملوا بأجور زهيدة، فهذا أفضل بكثير من البطالة التي تكتنف المشاكل و الجرائم، لكن ما الذي يفعله أهل الخير من المسلمين؟

إن اللجان الخيرية و أصحاب الأموال الخليجية الضخمة يبنون المساجد، و لا شيء غير المساجد، إن البوسنة دولة أوروبية مسلمة أريد لها أن تغير هويتها، فقام المسلمون الخليجيون و العرب و الإيرانيون بالحفاظ على هويتها الاسلامية ببناء المساجد، و إن أراد أحدهم أن يغير من النمط العام للتبرع فأنه سيبني مستشفى.

لكن يظهر أن ردة الفعل البوسنية لم تكن في صالح المتبرعين، إذ أدى ذلك إلى نفور من كثرة المساجد و كثرة البطالة و المشاكل المعيشية، صار أحدهم يربط بينهما بشكل عفوي، فإنهم بحاجة الى المصانع و الشركات التي تشغل أبناءهم، عندها سيكونون أكثر تفرغاً لملء المساجد، كانت البوسنة منتجة لخشب مميز في صناعة الأثاث، لكن بعد أن دمرت الحرب مصانع الأثاث، جاء المسلمون و بنوا المساجد الكبيرة، و جاء الألمان و أعادوا بناء مصانع الأثاث!

البوسنيون ممتنون للألمان، و لا يشعرون بفضل الأموال الخليجية عليهم، بل إنهم لا يعيرونها اهتماماً، فهم يشعرون أن الخليجيين إنما أرادوا فرض التدين عليهم فرضاً، البوسنيون لم يتركوا دينهم في أشد الظروف، لكن الخليجيون لا يسمعون شكواهم ولا يعرفون الأولويات، كل ما يريده الخليجيون هو إشباع غرورهم الديني غير آبهين لنداء الإنسان.
Website counter