Saturday 12 April 2008

تحـدث عن نـفـســك


الناس هكذا... الكويتيون هكذا… الامريكان هكذا… الصينيون هكذا
على أي أساس حكمت هكذا؟

الكثيرون يتحدثون بالنيابة عن غيرهم، و يطلقون لتحليلاتهم العنان، كأنهم صانعوا هؤلاء البشر، فيبني أحدهم آراءه على أن المجتمع الغربي متحلل، و المجتمع الشرقي محافظ، من غير أن يخالط أياً منهما. فيكتب و ينظّر و يحلل و يطبق وفقاً لما يراه في مخيلته صحيحاً تصوراً لا تصديقاً، بل إنه تصور هش لا يستند على أية أسانيد.

هذا الأسلوب لا ينطبق على المواقف المتخذة من البشر و حسب، بل يتعداها حتى إلى المواد التجارية المتداولة مثلاً، و العلوم و التكنولوجيا و أغلب فروع الحياة، لا أعلم من أين جاءت هذه المواقف و التحليلات، يقول شيئا و أرى شيئا آخر!

يخالط أحدهم الغربيين سائحا في الغرب، يبتسمون في وجهه، فيحكم قاطعاً بحسن نواياهم، ثم يتعرض لسرقة فيحكم ثانيا بخبث سريرتهم، يرى بعضهم يعمل نهاراً فيحكم بنضجهم، و يرى بعضهم يتسكع ليلا فيحكم بتفاهتهم.

فأي حكم نقر، و بأي رأي نأخذ؟

لكل منا دائرة معارف قد تتقاطع مع غيره، تتكون من الاقارب و الأصدقاء و المخالطين بشكل عام، هذه الدائرة قد لا تلتقي بتاتا مع دوائر أخرى أكبر حجما و تأثيرا، عندها لا يحق له اطلاق الأحكام على البشر أو على غيرهم بغير استقراء منطقي متين، إذ يصدر العلماء الأحكام العقلائية وفقاً لتجاربهم و مبتنياتهم القائمة على أساس إحصائي، وهو بدوره قائم على أساس عقلائي، لكنهم على الرغم من ذلك يعترفون بقصور هذه الأحكام عقلياً، و يقرون أن للقواعد شواذ، وبذلك قالوا أن إثبات الشيء لا ينفي ما عداه.

إن ما يطلق عليه "ستيريو تايبنغ" يساعد الإنسان على اتخاذ القرارات السريعة و التصورات السطحية، فالنظرة التجريدية تجعل الأشياء أكثر بساطة و الأحكام أكثر سهولة، لكنه لا يعطي أحد الأحقية في التحدث نيابة عن غيره، فيقرر ما يحبون و ما يكرهون.

حتى مع الإحصاء الدقيق و التفكير العميق، النظرة الشمولية التجريدية غير ثابتة إن كانت تتعامل مع البشر، فالبشر يملكون المشاعر و القرار، لهم حرية الإرادة و الموقف، ففي النهاية هم يختارون طريقهم حتى و إن كان لا يتناسب مع القاعدة، نعم، هم هكذا عادة، لكنهم قد لا يكونوا هكذا بالضرورة.

No comments:

Website counter