Friday 23 May 2008

الديـن عندما يقـتــل



قرأت كتاباً يدعي بأن الدين ليس أفيوناً للشعوب فحسب، إنما هو محفز فوق العادة للحروب، و ذكر لذلك شواهد متينة، ففي زماننا الحاضر على اقل التقادير، حيث نعلم مالذي يجري من حولنا و نراه مرآى العين، نجد أن أغلب الحروب إنما قامت على أساس ديني، أو بسبب الإحتكاك الديني عند نقاط التماس الجغرافي.

مثال على ذلك الحرب التي دارت في التسعينات في يوغوسلافيا، عندما تم تحرير كوسوفو من مذابح الصرب، إذ أن الكاتب عايش تلك الأحداث عن قرب، و تلمس الطابع الديني للحرب، فكوسوفو ذات أغلبية مسلمة، و كذلك الحرب التي دارت في البوسنة قبلها، و الشيشان مع روسيا، حيث نقاط تماس الاسلام مع المسيحية.

و القتل الذي كان دائراً و مازالت تبعاته مستمرة في العراق، أساسه ديني مذهبي، فالعراق نقطة تماس جغرافية بين التشيع و التسنن الإسلاميين، و لبنان تلتقي فيها الديانات الثلاث، المسيحية و اليهودية و الإسلام، و مازال اللبنانيون في حالة قلق، فالحرب هناك تنشب بين ليلة و ضحاها.

كذلك الحرب الأمريكية في افغانستان، فسببها أحداث الحادي عشر من سبتمبر، و التي ما كانت لتحدث لولا الدين، إذن فالدين هو السيف الذي تقاتل فيه البشرية و تسفك فيه دمها.

إن وجهة النظر تلك صحيحة الى حد ما، لكن الواقع يدفع بوجود سبب آخر للقتل، وهو المال، كثيرا ما تعني الزيادة في الرقعة الجغرافية للدولة زيادة في الموارد الطبيعية، و بالتالي زيادة في الأموال، و كثيراً ما تفسر الصراعات في الشرق الأوسط الى وجود منابع النفط فيها.

لكن إذا أخذنا بوجهة النظر الأولى، وهي أن الدين هو سبب الحروب، فإن تفسيراً يتبادر الى الذهن عند النظر في أسباب العنف البشري، تفسير العنف هو في حقيقته الضعف، أو الشعور بالخوف من الضعف و الحاجة، عندما يشعر أحدهم بأن دينه في خطر، فإنه يبادر الى درء ذلك الخطر بالطرق الدموية، لكن المؤمن بالأحقية العقلية لدينه لا يبادر للقتل، حتى و إن استنفد الطرق السلمية و المنطقية.

بعض تلك الطرق مشروعة بحكم بعض الأديان، لكنها لن تبرر بأي حال من الأحوال إن كانت بادئة بالقتل و سفك الدماء، لذا فالأديان ليست متساوية، نعم البشر متساوون من حيث أنهم جميعاً يمتلكون الحق للبحث عن الدين الصحيح، لكن ينبغي البحث عن الدين الذي يرفع من شأن الإنسان لا الذي يقهر الإنسان و يقتله، اليهود مثلا لا يؤمنون بانتشار الدين، فهم يعتقدون أنهم سلالة اختارهم الله، لذلك فهم لا يقومون بالدعوة لدينهم، و لذلك لا يتورعون عن قتل غيرهم، إذن فالإنسانية عندهم محصورة بفئة محددة، بينما الوضع بالنسبة للمسيحية و الإسلام يختلف تماما.

إن التصرف الأهوج لبعض المتدينين لا يعطينا الحق أن نتخذ موقفاً من جميع الأديان و المذاهب، فهي تختلف و يختلف أتباعها، و إن كانت بعض الحروب التي قامت بسبب الدين تسوغ لنا أن نكون ملحدين، فإن الحروب التي قامت بسبب المال ستسوغ لنا أن ننام في الشارع و نترك العمل و الكسب المادي.

2 comments:

Anonymous said...

أبو فلاح يتحدث :
لنقل أن الاختلاف من أسباب الحروب ، سواء كان الاختلاف دينيًا أو أيًا كان !
وقد يكون السبب هو الطغيان والطمع وفرض القوة !
مو دايمًا الدين يا بو صادق ...
شوف مثلا معاوية يحارب باسم الدين ؟ بس هل الحرب صج على الدين ؟ لا على الملك على الدنيا فلوس وسلطة ووو ... الخ

المهم يا بوصادق اشتقنالك كثيرًا كثيرًا ، فمتى ترانا ونراك وقد هبطت في أرض الكويت ، مع العلم أني مضيع رقمك الكريم للأسف !

أبو فلاح المعروف بـ فطرس

Ibn-Seena said...

هذا اللي قاعد اقوله، ان الدين ليس السبب الوحيد للحروب، فالموضوع يعالج هذه المغالطة بالدرجة الاولى و يلفت النظر لكون الدين احد الاسباب الرئيسية للحروب.

نراكم قريبا ان شاء الله يا اخي العزيز

Website counter