Thursday 10 May 2007

ثقافة الحرية


كون الحرية مفقودة عندنا يشكل اهمية فريدة لها، ففقدانها في كثير من الأحيان اصبح هاجساً يخيف كل من تسول له نفسه بأن يخرج ما في قلبه من حقائق يريد البوح بها، فضلا عن بعض الشجون و الهموم المخلوطة بقليل من الفرح (الغير مشروع) في البلاد.

ما نعنيه بالحرية هنا لا يتعلق بالتشريعات التي تصدرها الدول فيما يخص هذا المجال من حرية التعبير و التمثيل الديموقراطي و اصدار الصحف و المجلات و الى آخره من تشريعات نفتقد جوهرها ان لم نفقدها هي ذاتها، إنما الحرية المفقودة عندنا اشمل من ان تكون تشريع، انها ثقافة، و ليصح تسميتها بثقافة العصر، عصر انفجار المعلومات بغير حواجز أو حدود، انها جوهر الحرية التي لا تعني فقط ان تقول ما تريد، مع اعتباره جزءا اساسيا في مصطلحنا، لكن الأهم هو تبادل الفكرة من غير الغاء للآخر.

مشكلتنا هي أن الجميع يريد أن يقول، لكنهم جميعا لا يريدون أن يسمعون، و هنا مشكلة الثقافة، و من هنا تنبع ثقافة الجور و الاضطهاد و قمع الحريات، عندها نغضب لأن هناك من يقمعنا فنثور لتكون لدينا حرية الرأي خالصة، لكننا لن نرضى بأن ينتقدنا شخص، أو ينقد رموزنا، أو يناقش جدية مقدساتنا، أو حتى تاريخنا.

عندما يريد أحدنا أن تتوفر له الحرية يجب أن يحب للآخرين توفر الحرية لهم، فإذا أنا تكلمت و قلت ما أريد بغير قيد أو شرط، لكني أخنق صوت الطرف الآخر فإنني قضيت أولا على روح النقاش الضرورية للوصول الى نتيجة، ثانيا أصبحت أنا من يقمع الحريات، و إن لم أكن أنا فستكون أنت، و إن لم تكن أنت فستكون الحكومة و إن لم تكن الحكومة فستكون أمريكا أو الصين أو جنوب أفريقيا!

في نهاية هذه الثقافة لا بد من وجود طرف مخنوق الصوت (إن كانت عنده أحبال صوتية بالأساس)، فوجود هذه الرغبة في عدم السماح للطرف الآخر بقول ما عنده سينتج قمعا للحرية في مكان من هذا العالم، فالبشرية تعيش في هذا الكوكب تتعامل مع بعضها، و هناك الأخذ و الرد بينها، فلو امتنع أحدهم نتجت القيود التي نبحث الخلاص منها، اليوم دورنا لتحمل هذه القيود، فهل لو أمسكنا زمام الحكم في العالم و صرنا في مقام أمريكا يوماً ما .. هل سنسمح لغيرنا بالحديث؟

No comments:

Website counter