Wednesday 9 May 2007

لنعرف قيمة الإنسانية

تتميز قضية (الإنسانية) أنها من أهم المنطلقات التي تسير عليها القوانين في الحياة، السماوية منها أو الوضعية، فيكمننا جمع الأفكار الرئيسية لكل فكرة أو حركة خيرة مثل الحرية، المساواة ، الأخلاق الحسنة، العزة و العلم تحت إطار الإنسانية و مراعاتها، فالعاقل يقدر ما للإنسان من قيمة رفيعة، و مشاعر عميقة تتأثر بموقفها و علاقاتها بما حولها.

فالذي نعنيه بالإنسانية هي تلك القيمة التي من خلالها أضحى الإنسان أهم المخلوقات، فهو المخير ذو الإرادة في هذه الدنيا، المحاسب في الآخرة على اختياره، و الذي أعطي العقل فزان به نفسه.

و قد أعطى الاسلام هذه القيمة للإنسان لكونه انسان و نبه عليها إذ قال: (و لقد كرمنا بني آدم)، و مظاهر هذا التكريم متجلية بكل وضوح.
فالانسان عاقل يحكم على الامور بكل حرية و إرادة، فيدرك أن لابد لهذه الحياة من نهاية و انتقال الى حياة أخرى يجازى فيها على اختياره الحسن أحسن الجزاء، و يعاقب على اختياره السيء، حيث طالما شاهدنا من حولنا من يختار الاختيار السيء فيعتدي و يظلم لكنه يعيش حياته كريما مرفها بغير عقاب على ظلمه و جوره، و عكس الحال بالنسبة لصاحب الاختيار الحسن.

و لابد لهذه الحياة الأخرى ممن يطبق هذه العدالة بقوة و قدرة لا مجال لمنازعتها الحكم، وهو الله سبحانه و تعالى.

كل هذا يمر على الانسان وهو لا يدرك تلك القيمة المعطاة له، بل حتى الدين إنما هو ترغيب الانسان لحسن الاختيار و لا إكراه في أمره، و هنا لابد من ملاحظة فرق جوهري بين صاحب الاختيار الحسن و الاختيار السيء، فصاحب الاختيار الحسن يصبح ناضج الانسانية بتكامله و تناسقه بين العقل و الموقف العملي، على عكس صاحب الاختيار السيء الذي قدم رغبات بدنه و هواه -كالحيوان الذي يمشي على أربع-، قدمها على حكم عقله الذي به نال الحرية في الاختير، فاصبح فاقدا لانسانيته، منميا للجانب الحيواني من نفسه.

كل هذه الحرية و كل هذا الاحترام لعقل الانسان لابد أن يقدر، و يعطى أهميته المطلوبة، فإن انشغال أحدنا بالتوافه الحيوانية ينسيه السؤال الأهم وهو : لم أنا هنا في هذه الحياة؟ إذ يجب علينا جميعا أن نطرح على أنفسنا هذا السؤال، فمن غير المعقول أن نوجد لأجل أن نموت و ننتهي، إنما لنتكامل و ننمو بإنسانيتنا الى أعلى المراتب.

No comments:

Website counter