Saturday, 18 September 2010

السعودية منارة التخلف




في أحد رحلاتي الى مدينة ملبورن، زرت الصرح المعروف بالجندي المجهول، و هو بنيان مهيب محاط بحديقة منسقة، و فور الدخول الى الحديقة تستوقفنا علامة واضحة تقول بأن هذه الأرض مقدسة.

تخليد ذكرى المضحين المخلصين من أجل الوطن لا يثير دهشتي و استغرابي، فلطالما كانت هذه حالة انسانية طبيعية، فالانسان خليط، تحيط به المشاعر و العواطف، و مازالت الشعوب تتخذ من عظمائها منائر و شعائر.

كانت رحلتي حول أرجاء الضريح المهيب مليئة بالإجلال لكل من ضحى من أجل بلاده، و من ما يجدر ذكره هنا ان في ذلك المكان تخليد لذكرى كل الذين قتلوا في الحروب، لا سيما الكويت، و التي ذكر اسمها موسوما بالعام 1990.

و من خلال الاسفار و تقصي الأخبار ادركت ان في كل بلد يتم تخليد المضحين و كل ما يتعلق بهم من رفات و مقتنيات و ذكريات، حتى لو انتمى أولئك المضحين لفئة صغيرة محدودة.

إلى أن اء اليوم الذي زرت فيه المملكة العربية السعودية، البلد الوحيد الذي تهدم فيه ذكرى المضحين، البلد الوحيد الذي انسل من تراثه العظيم، فالمدينة المنورة كانت عاصمة بلاد الإسلام مترامية الأطراف، لكنها اليوم أشبه ما تكون بخربة كبيرة،و في قلب المدينة مقبرة قديمة فيها قبور أهم شخصيات الاسلام، الحسن بن علي ابن بنت رسول الله و خليفة المسلمين، علي بن الحسين صاحب أضخم تراث دعائي و عرفاني في الحجم و المضمون، محمد الباقر و جعفر الصادق أساتذة علماء الاسلام.

جميع الثقافات في العالم تستنكر هدم قبورهم، قبورهم الآن عبارة عن صخور فقط لا غير، و شبهة الطوطمية و الشرك لا يجب أن تدخل في مركز عقيدة التوحيد، فالشعوب الملحدة و التي تتمتع بتنامي الحريات لم يعهد فيها من عبد قبور مضحيها، فكيف بالمسلمين! أصحاب المنطق التوحيدي الرصين!

لا نشك بأن هدم المشاهد التاريخية المتعلقة بأهم حقبة مرت على منطقة الخليج انما هي مرتبطة بقطار التخلف في السعودية، البلد الذي لا يسمح فيه للمرأة بقيادة السيارة، البلد الذي يفتي علماؤه بعدم جواز استخدام الانترنت من غير محرم، البلد صاحب الثروات و الامكانيات الطبيعية و البشرية الضخمة و القابع في أوحال الجهل و التخلف و القمع و الاستبداد.

أجواء التطرف الديني في السعودية هي التي خلقت الارهاب العالمي و التشنج الطائفي و قمع المرأة و وأد الحريات، و خطوات الحكومة السعودية الجادة للإصلاح ينبغي أن ترتبط باعلان الفكر الوسطي كسياسة عامة للبلاد، و قليل نفوذ التطرف الديني و صيانة حق المرأة و الأقليات.






Monday, 28 December 2009

أغنيتي


في كل محاولاتي التي اريد بها الكتابة عن الحسين بن علي عليه السلام أفقد بوصلة قلمي و اتجه نحو ما أعتبره إفادة لمن يقرأ، و في كل محاولاتي للإستماع الى من يتحدث عن الحسين بن علي عليه السلام ابحث عن الاستفادة لي كمستمع.

أعتقد ان الشعور العاطفي الفارغ حول القضية لا يتعدى كونه قاعدة ركيكة لمن يريد الاستلهام منها، و أعتقد أن الدموع إنما هي لري جذور القضية في نفوس البشر على مر الأيام و كر محاولات الإتلاف و التهميش المتعمدة لواقعة الطف العظيمة، كما أنها نتيجة لمعرفة حقيقية لما دار فيها، كذلك جميع الشعائر الحسينية.

فلطالما وطدت العلاقة بين جوانب البنيان الديني في ذهني عن طريق قضية الامام الحسين عليه السلام، و لطالما كنت أدرس و أفكر في جميع ظروفها التاريخية و السياسية و العقدية، قاصداً من ذلك معرفة فلسفة ثورة الامام الحسين عليه السلام، و لا أبالغ إن قلت أنها أغنيتي في حياتي، غدوت أشدو بها يوميا لا في يوم عاشوراء و حسب.

لقد وجدت في الحسين ابناً لأعاظم البشرية في الدعوة و الأخلاق و الإيمان و الجهاد و الصبر و الذكاء و القوة، عندما اقرأ بتجرد عن الحسين أجد أنه ابن محمد و علي، محمد بالنسبة لي رمز الدعوة نحو الحقيقة، و علي بالنسبة لي منهاج للحياة المثالية.

لكن في الحسين أجد الأمر مختلفاً إذا ما نظرت الى وقفته باعتبارات ألفيتنا الثانية، على الرغم من التشابه في المثالية..

لقد ذهبت الى كربلاء، فلما وقفت على باب الحرم الحسيني شممت رائحة زكية، رائحة الدماء و الثورة و الغضب، معبرة عن قائد عظيم وقف مطالباً بحريته و اختياره المقدس، قائد عظيم يحمل ثقلاً عرفانياً يحتويه صدره، قائداً يحمل جميع تفاصيل الدين الشعائرية و السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية، قائداً يحمل هم ما مضى من دين جده و يرى الى مستقبل مظلم أمام الأمة فوقف بنفسه ليغير واقع المستقبل، لأنه يمثل الشرعية الدينية، فموقفه يمثل الموقف الشرعي.

لقد زحف اليه ثلاثون ألفاً أو يزيدون، مدججين بالسلاح، لعله يغير رأيه و موقفه، لا يستسلم، إنما يبايع يزيداً مسؤولا عن الأمة و عن تاريخها و ماضيها، أتخيله وقف على جواده بعد أن قتل أهله و صحبه، و هو يسمع صراخ النساء و الأطفال من خلفه، و قلبه كصالية الجمر من العطش، حاملا سيفاً أمام تلك الذئاب التي تأتمر بسلطة أقوى دولة في ذلك العالم، وقف أمامهم و يداه و رجلاه ثابتتان ثبات الجبال، وهو مع ذاك حسن الوجه ماضي الجنان رابط الجأش، رافضاً الخنوع و الخضوع للظلم و الاستعباد الملوكي، يصرخ فيهم: والله لا أعطيكم بيدي إعطاء الذليل و لا أفر فرار العبيد..
و لا كلام بعد كلامه، إلا أن تأتوني بمثله، و لن تستطيعون..

Friday, 25 December 2009

في ذكرى عاشوراء

سمة العبيد من الخشوع عليهم :: لله إن ضمتهم الأسحار
و إذا ترجلت الضحى شهدت لهم :: بيض القواضب أنهم أحرار

Tuesday, 22 December 2009

المقام المعنوي و المقام العملي


من جديد ما استنرت به في موسم عاشوراء لهذا العام، أن أهل البيت عليهم السلام ما نالوا هذه المقامات التي هم عليها إلا بالعمل الصالح، نعم لقد اختارهم الله تعالى بناء على علمه باستعدادهم لذلك العمل، حيث أن علم الله تعالى لا يرتبط بالزمان و المكان كعلم الانسان، فالزمان و المكان مرتبطين بالمادة و الحركة، و الله خالق الحركة و المادة و هو العلم المطلق تعالى.

و المقصود بالعمل الصالح هو وقوف علي عليه السلام في صف النبي (ص) في مكة، و دعمه للرسالة، و الفدائية و المبيت في فراش النبي (ص) ليلة الهجرة، و الجهاد في الحروب و الصبر في اختلاف الأمة و حفظ وحدتها، ثم تولي الخلافة و تنقية الأمة من شوائب عصر الخلافة و التعامل مع الخوارج و أهل الجمل، ثم خطبة الزهراء و دفاعها عن حق علي عليه السلام و صبر الحسن عليه السلام و مصالحته و شهادته الحسين عليه السلام و تضحيته و علم الأئمة الباقين و تصديهم للحفاظ على الأمة.

و مع الأخذ بالاعتبار كل التفاصيل التي صاحبت ما سبق، يتبين أن أهل البيت عليهم السلام قد فاقوا العالم، السابق منهم و اللاحق، في الفضيلة و العلم و العمل الصالح.

يقول تعالى في سورة التوبة: (أجعلتم سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام ، كمن آمن بالله واليوم الآخر، وجاهد في سبيل الله لا يستوون عند الله ، والله لا يهدي القوم الظالمين)، نزلت الآية في فضل أمير المؤمنين علي بن أبي طال عليه السلام، إذ تفاخر بعضهم سقاية الحجاج و عمارة الحرم، و تلك تعتبر بشكل أو بآخر مقامات ترتبط بالدين و تتعدى المقام الدنيوي، لكنها لا تعني شيئا أمام الإيمان بالله تعالى و الجهاد في سبيله.

إذا ما استنرت به هو أن قضية أهل البيت و طريقة ارتباطنا بهم عليهم السلام ليست قضية غيبية نورانية خيالية كما يصورها بعض المتحدثين باسم الدين، إنما هي تعتبر قضية انسانية عملية ترتبط بشكل مباشر بمدى ما كان لأهل البيت عليهم السلام من دور ريادي في الدين و السياسة و كل ما يتعلق بنهضة الأمة و نجاتها.
و كل ما اتمناه من حضور الموسم العاشورائي هو الانتباه و الحذر من دعوات تمييع قضية أهل البيت و حكرها بالارتباط الروحي و العاطفي بدلا من دفع الجماهير نحو العمل الصالح الناهض بالأمة.

Friday, 18 December 2009

نهضة الحسين


لا يمكن معرفة أبعاد نهضة الامام الحسين عليه السلام من دون الاطلاع على الظروف السياسية و الدينية المحيطة منذ وفاة الرسول (ص) في السنة الهجرية العاشرة الى اليوم الذي وقعت فيه الحادثة، أي بعد خمسين سنة، إذ أن الإمام الحسين عليه السلام قد حدد السبب الذي من أجله قام في وجه الحكم الأموي الجائر مصرحاً بأنه الإصلاح.

فإذا ما أردنا أن نعرف جوانب ذلك الاصلاح، ينبغي أن نعرف جوانب الفساد الذي انتشر في ذلك الزمان، و من الذي ساهم في انتشاره، و من الذين دعموا ذلك الفساد. ثم بالنظر الى واقعنا اليوم، هل عادت بعض تلك العناصر، هل هناك من يدعم نفس تلك النظم الفاسدة؟ و ما هو دورنا اليوم؟ هل هو نفس دور الحسين و أنصاره؟ أم كدور يزيد و عبيدالله بن زياد؟

يبدو من القاء النظر على النهضة الحسينية، أنها كانت تستهدف الاصلاح السياسي عن طريق ازالة النظام الأموي القائم و إعادة النظام النبوي و تغيير الحكم الملكي الى حكم يعتمد على مؤهلات دينية، كما أنها كانت تستهدف الاصلاح الاقتصادي الذي كان يعمل عليه الامام علي بن ابي طالب عليه السلام محاولاً تغيير الطبقية التي تجذرت في عهد الخلفاء الذين سبقوه.

كما أن ثورة الإمام الحسين عليه السلام استهدفت الاصلاح الإجتماعي بعد ان تمزقت الأمة الى فرق، الفرقة الأموية و الفرقة العثمانية و الفرقة "ضد العثمانية" و فرقة الخلفاء بالاضافة الى الشيعة أتباع محمد و علي، كانت الثورة تستهدف توحيد الأمة تحت راية الاصلاح و العمل وفق المفاهيم التي سادت في العصر النبوي، فالامام عليه السلام قام و اتجه الى الكوفة تلبية لنداء أهلها ذوي الغالبية غير الشيعية.

كما أراد عليه السلام إصلاح المفاهيم الدينية بالبراءة من تصرفات يزيد بن معاوية من شربه للخمور و إعلانه للفجور، و ترسيخ الأسس العقائدية التي تبناها الاسلام بدلا عن الموجة الأموية التي دعمت الجبرية و العناصر التوحيدية و الوحدوية في الاسلام و التي تؤدي في نهاية المطاف الى تشويه الاصول التي قام عليها الاسلام.

بالاضافة الى ذلك، ينبغي معرفة أن تلك الجوانب الاصلاحية السابقة مترابطة بقوة، و منها الاصلاح الانساني، فكانت الثورة داعية في أدبياتها الى الحرية و نبذ العبودية للسلاطين و رفع قيمة الانسان و كرامته، و مقتل قائد الثورة لا يعني فشلها، إذ أن مقام الحسين الديني و الاجتماعي معروف و واضح، و وقوفه وحيداً في وجه ثلاثين ألفا مدججين بالسلاح شامخاً صلباً و ثابتاً يكفي لإيصال رسالته، لكن ما علينا اليوم هو تلقيها و نشرها بالطرق التي تليق بها.

Wednesday, 16 December 2009

الرأي و المسؤولية



حرية الرأي مقدسة في جميع الأحيان، لكن إبداء هذا الرأي مسؤولية تقع على عاتق حامله، بعض الآراء لا تعدو ان تكون بحثاً علمياً يطرح للإثراء الثقافي أو العلمي العام، لكن بعض الآراء تحمل آثار تفوق البحث العلمي الى التأزيم السياسي أو الإجتماعي.

و كما أن أصحاب الرأي يتحملون مسؤولية إبدائه بالطريقة و التوقيت المناسبين، فعلى عاتق الناس تقع مسؤولية تحجيم آراء النكرات، أي الآراء التي لا تملك قيمة إلا بالإثارة المصاحبة لها.

كما أن هناك في كل الأحوال رأياً صحيحاً موافقاً للعقل و آراء خاطئة يجب أن تفند، على أنها يجب أن تُحترم، لكن طريقة و توقيت ابدائها مسؤولية جسيمة يجب أن يتحملها أهل الرأي الذين يقودون الشارع و يقودونه للتفكير بطريقة (العقل الجمعي).

في أوقات الشدائد، و حينما تستعسر الأمور الأمنية أو السياسية أو الاجتماعية، فإن على المشرِّع أن يكفل حرية الرأي، لكن في نفس الوقت على المنفذ أن يكفل الأمن الذي قد تخل به الآراء، و هنا تنشأ إشكالية تقديم الأمن على الرأي.
على أن منع ابداء الرأي يختلف عن فرض الرأي، قد يُمنع الناس من طرح موضوع معين في ساحة ملتهبة، لكن قد لا يُفرض عليهم الاحتفال بعيد ميلاد الرئيس على سبيل المثال. و حتى الآن لا أرى ضيراً في المنع، لكن الخطأ و كل الخطأ في الفرض، و كل هذا يصدق فقط في الأوقات الحرجة التي تعد استثناء لا قاعدة. و على الشعوب فرض الوقت المناسب للعمل بالقاعدة أو العمل بالاستثناء.

Friday, 11 December 2009

حديث القلاف

شاهدت اليوم لقاء سيد حسين القلاف في قناة الوطن، حديث السيد لا يختلف كثيرا عما سبقه، ما عدا النقاط التالية، و التي تعد جديدة و أجدها تصاريح خطيرة بحاجة للوقوف عندها.

أولا، عند حديثه عن استجواب رئيس الوزراء المقدم من النواب محمد هايف و برغش و الطبطبائي، قال أن أحد المستجوبين يملك جنسية أردنية، فهل يعني السيد ان أجندة خارجية تتحرك أذيالها في الكويت؟

ثانيا، عند حديثه عن استجواب الدكتور فاضل صفر المقدم من مبارك الوعلان، قال أن الوعلان قد ناشد النواب و حاول استجداء المؤيدين الراغبين بطرح الثقة لكنه لم يجد، على الرغم من أن الوعلان صرح بعد الاستجواب أنه لم يهدف لطرح الثقة! و أن الوعلان كان يقف على المنبر خارج قاعة عبدالله السالم و يهاجم الحكومة حول قضية البدون، بينما الجلسة تفركشت لعدم وجود النصاب!

ثالثا، سؤل سيد حسين عن رؤيته للواقع الكويتي في السنة القادمة، و كان جوابه ان الكويت تتجه للأفضل بسبب وجود 33 نائبا عاقلاً، أما باقي النواب فبالنظر الى أسمائهم، كان منهم أصحاب مواقف سيئة في الجلسة السرية التي أقيمت لحل أزمة الحكم، و أنهم صوتوا بالاجماع "غصباً على أكبر شارب فيهم"!


و سؤالي: يا ترى هل فعلا توجد أذيال عربية أو خليجية تلعب بمقدرات الكويت؟


Website counter